المعبر عنها بالجهاد الأكبر ، لتقومه بالصبر والثبات أكثر مما يتقوم به الجهاد الأصغر.
بحث أدبي :
ذكرنا أنّه يجوز قراءة «ليس البر» بالنصب على أنه خبر مقدم أو بالرفع على أنه اسم ، وهذا جار في كل مورد يكون بعد (ليس) المعرفتان.
وقوله تعالى : (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ) إخبار عن المعني بالذات وهو من أحسن أساليب الفصاحة والبلاغة ، وهو يرجع إلى تغيير أسلوب الكلام من بيان الصفات إلى بيان الذات المتصفة بها لبيان إجلال تعظيم مثل هذه الذات ، وان المقصود إنما هو الذات المتصفة لا مجرد تعداد الصفات.
فما ذكره بعض المفسرين وغيرهم في المقام من التقدير وحذف المضاف صحيح بحسب القواعد النحوية ولكنه لا يفيد ما ذكرناه من براعة الأسلوب وحسن تأديته. وله نظائر كثيرة في الأساليب العربية الفصحى ، قال الحطيئة :
وشر المنايا ميت وسط أهله |
|
كهلك الفتى قد أسلم الحي حاضره |
وأما رفع قوله تعالى : (وَالْمُوفُونَ) فلأجل العطف على «من آمن» ، كما أنّ نصب «والصابرين» يكون على المدح والإختصاص.
ويمكن أن يكون الرفع والنصب كلاهما على المدح أي : وهم الموفون وأعني الصابرين ، لأن النعوت والصفات إذا طالت جاز الاعتراض بينهما بالمدح أو الذم ، قال الشاعر :
إلى الملك القرم وابن الهمام |
|
وليث الكتيبة في المزدحم |
وذا الرأي حين تغم الأمور |
|
بذات الصليل وذات اللجم |
فنصب ليث الكتيبة ، وذا الرأي على المدح. والأحسن هو الاختلاف في الإعراب في المقام ليكون النصب في «الصابرين» إشارة إلى أنّ في المقام سرا مكنونا ، وهو بيان مقام الصبر وأهميته.