بحث فقهي :
تدل الآية المباركة على جملة من الأحكام الفقهية :
الأول : إنّها تدل على رجحان إيتاء المال وبذله في إعانة المحتاجين والهدايا وصرفه في الخير وهو محبوب عقلا أيضا ، إلّا أنه قد يكون واجبا كالزكاة ، والكفارات ، والنذور ، وأداء الديون.
وقد يكون مندوبا وهو في ما إذا كان يراعى فيه الوظيفة الشرعية ولم يصل إلى الصرف المحرم وله مصاديق كثيرة مذكورة في كتب فقه الفريقين. والظاهر أن قوله تعالى : (وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ) ناظر إلى القسم الثاني لذكر الزكاة بعد ذلك ، ويمكن أن تكون الزكاة مثالا لجميع الحقوق الواجبة المالية.
الثاني : القيد في قوله تعالى : (عَلى حُبِّهِ) قيد توضيحي إن رجع إلى حب المال لأنه أمر غريزي مركوز في الإنسان أو أنه يرجع إلى حفظ النفس من الهلاك وهو أمر فطري أيضا. وان رجع إلى الله تعالى يصح أن يكون احترازيا ، لأن النّاس يختلفون في ذلك إلّا أن يقال إنّ الآية وردت في وصف الأبرار ، وصرفهم للمال لا يكون إلّا لله تعالى ، قال عزوجل : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً) [سورة الدهر ، الآية : ٩].
الثالث : لا يعتبر الفقر في ما ذكر من الأصناف سوى المسكين لعدم كون دفع المال من باب الصدقة الواجبة بل أعم منها. نعم لو كان بعنوان الصدقة الواجبة يعتبر الفقر في موردها.
الرابع : ذكر تعالى السائلين ، والسؤال إن كان لأجل الاضطرار وحفظ النفس يجوز ، بل قد يجب وإن كان لغير ذلك يكره ، بل قد يحرم. فعن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «من فتح على نفسه باب مسألة فتح الله عليه باب فقر» ؛ وعن الصادق (عليهالسلام) : «ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم ـ إلى ان قال ـ والذي يسأل الناس وفي يده ظهر غنى» ، وعن أبي جعفر (عليهالسلام) : «لو يعلم السائل ما في المسألة ما