لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) [سورة النساء ، الآية : ١١] ، فان الأخيرة نزلت بعد الأولى ، وبالسنة فقد ورد في الحديث : «لا وصية لوارث».
وذكر بعضهم أنها لو كانت منسوخة فالمنسوخ إنما هو الفرض دون الندب وأصل المحبوبية.
وذكر بعض آخر أن الوجوب المذكور في الآية الشريفة كان في بدء الأمر وأوائل تغيير الشريعة لمواريث الجاهلية ، فالحكمة اقتضت ان يكون التغيير تدريجيا بنحو الوصية أولا ثم بأحكام المواريث.
والحق أن يقال : إنّ آية الوصية غير منسوخة بشيء لا بآية المواريث ، ولا بالنسبة الشريفة ، وآية الوصية تدل على محبوبيتها ، والكتابة يراد بهاهنا مطلق الثبوت الأعم من الوجوب والندب ، كما ذكرنا ، فقد تكون الوصية واجبة كما في الوصية بالحقوق الواجبة. وقد تكون مندوبة كما في الوصية بالتبرعيات ، وفي الأخيرة يشترط أن لا تكون أكثر من ثلث المال ، وفي الأولى لا يشترط فيها ذلك بل لا بد وأن تخرج من جميع المال ، ولا ربط لآية الإرث بآية الوصية وهما موضوعان مختلفان فأين يتحقق النسخ؟ مع أنّ الإرث متأخر عن الدين والوصية.
وما ذكروه من تأخر آية الإرث عن آية الوصية فتكون منسوخة.
ففيه أولا : أنه لم يثبت ذلك.
وثانيا : على فرض الثبوت لا فرق بين الناسخ والمنسوخ في المتقدم والمتأخر بينهما ، كما تقدم في بحث النسخ.
وأما الاستدلال بالسنة على نسخ آية الوصية.
ففيه : أولا : عدم ثبوته ، كما ذكر جمع من علماء الفريقين.
وثانيا : أن حديث : «لا وصية لوارث» يمكن حمله على أنه لا وصية لوارث إذا كان أكثر من الثلث.