البصر وسائر التقوى الظاهرة. وإذا استعمل في الله تعالى كان معناه انه لا يخفى عليه المسموعات ، ويرجع إلى علمه الأزلي بجميع ما سواه. وقد وردت مادة السمع في القرآن الكريم بهيئات مختلفة ، كما ورد السميع العليم بالنسبة إليه عزوجل كثيرا جدا قال تعالى : (وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [سورة المائدة ، الآية : ٧٦]. وتستعمل فيه عزوجل أيضا بمعنى الجزاء وترتب الأثر مثل «سمع الله لمن حمده».
وفي ذكر العليم إشارة إلى أنه تعالى يعلم بتحقق شرائط استجابة الدعاء التي من أهمها الخلوص والإخلاص والانقطاع اليه عزوجل. وقد استجاب الله تعالى دعواته (عليهالسلام). ويستفاد من الآية المباركة أن محل البيت كان موجودا قبل بناء إبراهيم (عليهالسلام) وهو رفع قواعده وشيّد بنيانه وتدل عليه الروايات الآتية في البحث الروائي.
كما أن في دعائه (عليهالسلام) بالقبول إشارة إلى أن الإنسان مهما سعى وبذل أقصى وسعه في تحصيل العمل لا بد له أن يتضرع اليه سبحانه ويبتهل إليه بالقبول وأن يعترف بالقصور. وفي حذف المتعلق تحقير للعمل والنفس في مقابل العظيم المتعال جل شأنه وهذا من أدب خليل الرحمن مع الله عزوجل في دعواته. وفي لفظ «تقبل» إشارة إلى كثرة توجهه (عليهالسلام) الى جنّة اللقاء ومقام الرضاء كما طلبه في دعائه الآخر قال : (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ) [سورة ابراهيم ، الآية : ٣٩] فإن مقامه (عليهالسلام) أرفع من أن يطلب قبولا يوجب الحور والقصور فقط.
قوله تعالى : (رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ). مادة (سلم) تشتمل على معنى السلامة ، ولها مراتب كثيرة جدا بين العيوب الظاهرية والمعنوية ـ الدنيوية والأخروية ـ والقلبية ، ولهذه المادة استعمالات كثيرة في القرآن الكريم.
والإسلام هو الدخول في السلم ـ بكسر السين ـ وقد اختص بالإذعان ، بإلهيته تعالى ورسالة خاتم النبيين (صلىاللهعليهوآله) وشريعته وقرآنه المساوق للإيمان.
وللإسلام درجات أعلاها ما كان عليه إبراهيم (عليهالسلام) وأدناها ما