عليه عامة المسلمين يحفظون بها دماءهم وأموالهم مع ما عليه بعضهم من الفسق والشقاء. وقد جمع جملة من مراتبها نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) في الحديث المعروف «المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه» فالإسلام الحقيقي مظهر [بضم الميم] الله في الأرض والمسلم الواقعي مظهره (بالفتح) بين عباده.
ومعنى الآية المباركة ربنا واجعلنا مخلصين لك في الإعتقاد والعمل وثبتنا على الإسلام بتوفيقك وهدايتك. وسؤال الإسلام لنفسه وخواص ذريته إنما هو للثبات على مثل هذه المرتبة في الإسلام.
قوله تعالى : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ). الذرية اسم جمع يطلق على نسل الإنسان وعلى غيره قال تعالى في الشيطان : (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي) [سورة الكهف ، الآية : ٥٠] والأمة الجماعة والطائفة ، سواء أكانت من ذوي العقول أم من غيرهم مما يجمعهم شيء واحد قال تعالى : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ) [سورة الأنعام ، الآية : ٣٨] وهي من الأمور الإضافية القابلة للقلة والكثرة ، وقد يكون كل نوع أمة بل قد يكون كل صنف كذلك وقد يطلق اللفظ على الواحد باعتبار كونه مجمع الخيرات ومنشأ البركات قال تعالى : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ) [سورة النحل ، الآية : ١٢٠] وتقدم في قوله تعالى : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) [الآية : ١٣٤] الوجه في أنه (عليهالسلام) لم يسأل الإسلام لجميع الذرية.
ويستفاد من الآية المباركة أنّ إسلام هذه الأمة إنما هو من بركات دعائه (عليهالسلام) وفي غالب دعواته انه يسأل لنفسه ولامته وذريته.
قوله تعالى : (وَأَرِنا مَناسِكَنا). النسك العبادة والناسك العابد والمنسك هو الموضع المعد للعبادة ، قال تعالى : (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ) [سورة الحج ، الآية : ٦٧] ولكن اختص اللفظ في العرف الخاص بأفعال الحج قال تعالى : (فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٠٠] ويستعمل في خصوص الهدي أيضا قال تعالى : (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) [سورة البقرة ، الآية ، ١٩٦] والنسك هو الهدي وقال تعالى : (قُلْ