إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) [سورة الأنعام ، الآية : ١٦٢] وعن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) في ما رواه الفريقان بطرق متواترة : «خذوا عني مناسككم».
والمراد بالرؤية هنا الرؤية الحقيقية أي المعرفة والإراءة لا مجرد الرؤية البصرية والتعليم القولي ، وتدل على ذلك روايات كثيرة دالة على أن جبرائيل كان معه (عليهالسلام) في جميع أعماله وأطواره كما كان مع نبيّنا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) في حجة الوداع.
قوله تعالى : (وَتُبْ عَلَيْنا). التوبة تأتي بمعنى الرجوع ، أي الرجوع إلى الله تعالى عن مخالفته ، أو عن مجرد الالتفات إلى غيره ولو كان مباحا وتوبة الأنبياء (عليهمالسلام) من الأخير فيكون قبولها من الله تعالى بالنسبة إليهم بمعنى ارتقاء الدرجة لا إسقاط العقاب ، وتسمى هذه توبة أخص الخواص في اصطلاح علم الأخلاق. مع أنّ لنفس استعمال التوبة نحو موضوعية خاصة فإنها لتذليل العبد واستصغار الأعمال بالنسبة إليه تعالى ، مع أنه يمكن أن تكون توبة الأنبياء عن ما يصدر من تابعيهم من المعاصي ، فإن من كان إمام قوم وسيدهم له أن يتوب إلى الله تعالى من ذنوب تابعيه.
والمعنى : وفقنا للإنابة والرجوع إليك عما يشغلنا عنك.
قوله تعالى : (إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ). التواب هو كثير التوبة أو لأجل أنه جل شأنه يوفق العبد للتوبة ثم يقبلها منه ثم يضاعف درجاته بها يعني : إنك وحدك توفق العباد للتوبة وتقبلها منهم والرحيم بهم ، وتقدم معنى الرحيم في بسملة سورة الفاتحة.
قوله تعالى : (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ). مادة (ب ع ث) تأتي بمعنى إثارة الشيء وتوجيهه وتختلف باختلاف المتعلق فتارة : تكون أمرا عرضيا خارجيا ، يقال بعثته في أمر قال تعالى : (فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ) [سورة المائدة ، الآية : ٣١] وهذا عام يشمل الخالق والخلق وبعث الله الأنبياء والرسل إلى النّاس من هذا القبيل ، قال تعالى : (فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) [سورة البقرة ، الآية : ٢١٣] ومثل هذا الاستعمال في