يراه بعض المفسرين ، بل له كمال الزلفة والقداسة وله المنزلة العظمى ، كما له المظاهر المختلفة حسب تعدد العوالم.
بحث علمي :
تقدم في البحث الروائي بعض الأحاديث الواردة في بناء البيت وفضل الحجر الأسود ، ومضامين تلك الأحاديث متواترة بين الفريقين فلا وجه للمناقشة في أسانيد بعضها. نعم قد يكون بعض الروايات ضعيفة سندا ، ولكن ذلك لا يوجب رفع اليد عن بقية الروايات ورميها بالضعف والخرافات كما هو واضح. ومع ذلك فقد ناقش بعض المفسرين والكتّاب المحدثين في تلك الأحاديث فقال في عرض كلامه لتفسير الآية الشريفة : وهذه الروايات فاسدة في تناقضها وتعارضها ، وفاسدة في عدم صحة أسانيدها ، وفاسدة في مخالفتها لظاهر القرآن بل كل هذه الروايات خرافات إسرائيلية بثها زنادقة اليهود في المسلمين ليشوّهوا عليهم دينهم وينفروا أهل الكتاب منه.
ولا يخفى أنّ ما ذكره باطل من وجوه :
الأول : إنّه قد شهدت الأدلة العقلية والسمعية على أنّ لله تعالى في عالم الشهادة مظاهر من عالم الغيب إتماما للحجة ولمصالح لا يحيط بها إلّا الله تعالى وبعض خواص أوليائه ، ومن تلك المظاهر مقام إبراهيم (عليهالسلام) والحجر الأسود وغيرهما مما أشرنا إليه سابقا وما ستعرفه بعد ذلك إن شاء الله تعالى ، وقد ثبت في الفلسفة ببراهين كثيرة إمكان ظهور شيء واحد في مظاهر مختلفة حسب العالم الذي يظهر فيه ولا ينافي ذلك واقعه الذي هو عليه ، فيمكن أن يكون شيء واحد من الروحانيات في عالم وهو في نفس الوقت من الماديات في عالم آخر ـ جوهرا كان أو عرضا ـ كما في الحجر الأسود فإنه إذا استلم كان بحسب الظاهر شيئا ماديا ولكنه في الواقع يمين الله ـ بالمعنى الذي تقدم ـ يصافح بها عباده كما في الحديث ، وحينئذ لا وجه لحصر حقيقته في ما ندركه بالماديات فقط بزعم أن العقول لا يمكن لها درك ما وراء عالم المادة فإن ذلك إما قصور أو تضييع وتعطيل للعقل عن مسيره