الذي جعله الله تعالى له ، فإنه لم يحده بحد إلّا ما ورد في الشرع من النهي عن التعمق فيه. ومن ذلك يعلم أن جعل مضامين تلك الأخبار من الأقاصيص التي بثها زنادقة اليهود ، من الجهل بالحقائق والواقعيات.
الثاني : إنّ رمي الروايات بالضعف إنما هو سبيل العاجز وأسهل شيء في الأحاديث عند من لا يحيط بواقعها وحقائقها وقصر النظر على الظاهر فقط ، وتعطيل للعقل عن الاستكمال ، فإن نظر أهل المعرفة في العلوم إنما هو إلى الحقائق الكلية المختلفة مظاهرها حسب تعدد العوالم دون الأفراد الجزئية ، والفضل في الأولى دون الأخيرة كما هو المعلوم للخبير.
الثالث : إنّه يعلم مما ذكرناه عدم تحقق التناقض والتعارض في الروايات فإنّ ذلك إنّما يحصل من قصر النظر على نشأة دون أخرى وأما حقيقة الشيء المختلفة باختلاف النشآت حسب ظهورها في ذلك فلا وجه لعده من التناقض ، فما في بعض الروايات من كون الحجر ملكا وفي بعض آخر أنه درة بيضاء إنما يكون بحسب تعدد الظهور ومن شرط تحقق التناقض والتضاد وحدة الموضوع وهي مفقودة في المقام ، ولا وجه لتوهم التعارض مع القرآن.
الرابع : إنّ ما اعترف به من أنّ هذه الأمور مما شرفها الله تعالى كما شرف أنبياءه فهو حق لا ريب فيه ، لأنّ جميع تلك الأمور لا بد أن تنتهي جهة شرافتها اليه تعالى وذلك لا ينافي جريان الأسباب التي قدرها الله تعالى لشرافتها.
بحث فلسفي عملي :
العبادات التي شرعت في الإسلام إنما هي مبنية على مصالح كثيرة قد لا يحيط بها الإنسان إلّا إذا بينها الله تعالى على لسان نبيه (صلىاللهعليهوآله). والمستفاد من الآية المباركة والأخبار الكثيرة بعض تلك المصالح ، فإنها تدل على أن تلك العبادات من مظاهر عبودية العبد بالنسبة إلى معبوده ، وأنّها تجليات المعبود في قلوب المتعبدين بحسب مراتب قربهم اليه جلّ شأنه ، وأنها منازل للسير الاستكمالي في الإنسان الذي لا يتحقق إلّا