بواسطة الأنبياء والمرسلين بتشريعاتهم وأنّ منها مثالا لمجاهدات المخلصين من أنبيائه (عليهمالسلام) وصورا لمنازل العبودية التي بها بلغوا إلى مدارج استكمالهم ، ففي الحج مثلا يتجلى ما ذكرناه بوضوح فإنه عنوان مشير إلى منازل عبودية شرعها إبراهيم الخليل (عليهالسلام) وأفعال الحج مثال لجهاده في مرضات الله تعالى ولذا شرع في الإسلام لأنه مشتمل على أعظم أنحاء العبادات وشموليته لجميع الجوانب ـ روحا وبدنا ومالا ـ فيكون انقطاعا اليه جلت عظمته بجميع أنحاء الانقطاعات كما فعله إبراهيم (عليهالسلام) فهو لم يلاحظ في بناء هذا البيت الجانب المادي منه بل بنى بيت العبودية الحقيقية التي هي غاية كمال الإنسان وأكمله سيد المرسلين نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) فصاروا جميعا من حجاب هذا البيت العظيم وسدنته ، وللمقام تتميم يأتي في الآيات المناسبة إن شاء الله تعالى.
بحث تاريخي :
كانت للكعبة المقدسة أهمية واحترام عند العرب قبل الإسلام من حين بنائها بل قد يستفاد من بعض التواريخ أنها كانت محترمة ومعظمة حتّى عند الأمم من غير العرب أيضا كالهنود والفرس والصابئة واليهود والنصارى وغيرهم.
أما الهنود فكانوا يعتقدون أن روح أحد عظمائهم [سيفا] قد حلت في الحجر الأسود حين زار بلاد الحجاز. وكان الفرس يعظمونها زاعمين أن روح هرمز قد حلت فيها. وأما الصابئة ـ وهم عبّاد الكواكب ـ فإنهم يعدونها من إحدى البيوت السبعة المعظمة لديهم. وكانت اليهود تحترم الكعبة ويعبدون الله تعالى فيها على دين إبراهيم (عليهالسلام) وكان لهم فيها تمثال إبراهيم وإسماعيل (عليهماالسلام) وغيرهما من عظمائهم. كما كانت الكعبة معظمة ومقدسة عند النصارى أيضا وكانت فيها صورة العذراء والمسيح وكان للعرب فيها أصنام ربما تقرب إلى ٣٦٠ صنما.
ولكن ذهاب هذه الأمم إلى أصل قداسة البيت وعظمته مما لا ينكره أحد. وأما ما ذهبوا اليه من حلول روح سيفا أو هرمز أو التقديس لها لأجل