وقد استعملت هذه المادة في القرآن الكريم بهيئات مختلفة ، قال تعالى : (وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [سورة الأعراف ، الآية : ١٦٨] ، وقال تعالى : (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ) [سورة الأنبياء ، الآية : ٣٥] إلى غير ذلك من الآيات المباركة.
ويصح استعمال هذه المادة في الخير والنعمة لتظهر كيفية الشكر عليهما. وفي الشر والنقمة ليعلم كيفية الصبر عليهما.
وإبراهيم كلمة سريانية تفيد معنى الأب الرحيم على ما قيل ، ويشهد له التأمل في أحوال هذا الرجل العظيم من حبه للضيوف والمساكين وكثرة مداراته مع المعاندين ، ورأفته بأطفال المؤمنين في عالم البرزخ كما في النصوص الى غير ذلك من الصفات الحسنة مما تأتي الإشارة إليها.
وقد تكرر اسمه الشريف في الكتب السماوية ، ففي القرآن المجيد في ما يقرب من سبعين موردا. وهو الذي دعا إلى عبادة الإله الواحد الأحد القيوم خالق السموات والأرض ، فلقي ما لاقاه من قومه المشركين ، وكان من انقطاعه إلى رب العالمين ، ما أوجب تحير الملائكة فيه أجمعين ، وكان من بذل نفسه للرحمن وماله للضيفان وولده للقربان أن اتخذه الله تعالى خليلا لنفسه ، وأراه ملكوت السموات والأرض وجعل النبوة والحكمة والملك العظيم في ذريته ، وفدى ولده بذبح عظيم.
وهو أول من رفع قواعد البيت الحرام بعد الطوفان وأول من أتى بشرائع الإسلام ، وأول من قاتل في سبيل الله تعالى وأول من اتخذ الرايات في الدعوة إلى رب السموات ، فحقيق له أن يكون خليلا لله تعالى ، وحق لله سبحانه وتعالى أن يتخذه خليلا.
وإنّما قدّم على الفاعل في الآية الشريفة اهتماما به ، ولاتصال الفاعل بضمير المفعول الموجب لتقديم الأخير عليه.
وإنما بدأ سبحانه وتعالى في ذكر قصة إبراهيم (عليهالسلام) بذكر الابتلاء والامتحان ، إعلاما لخلقه بأنّ الأنبياء والأوصياء إنما وصلوا إلى