إبراهيم (عليهالسلام) كان بعد أن رأى من آيات ربه ، وأنّ إسلامه كان عن حجة ومعرفة بأنّ للعالم خالقا له الربوبية العظمى والتدبير الأتم.
الثالث : يستفاد من قوله تعالى : (وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ان الأثر من الإسلام وسائر الصفات الحسنة إنما يترتب على الموت متصفا بهما لا على صرف وجودهما وإن كان في خاتمة العمر على غيرهما ، وتدل على ذلك روايات كثيرة ، منها قول نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «كما تموتون تبعثون ، وكما تبعثون تحشرون». كما ان في الدعوات الكثيرة المشتملة على طلب حسن العاقبة عند الموت من الله تعالى دلالة على ذلك.
الرابع : في قوله تعالى : (إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) إشارة إلى أنّ دين الله تعالى واحد في كل الأعصار وعلى لسان كل نبي ، وانه عبادة الإله الواحد ، والاستسلام لأمره جلت عظمته ، كما قال تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) [سورة آل عمران ، الآية : ١٩]. والوصية به جارية ومستمرة في الأنبياء والأوصياء إلى الأبد ، وسنبين في الآيات المباركة المناسبة تلازم المبدأ والمعاد ثبوتا وإثباتا إن شاء الله تعالى.
الخامس : إنّ في تكرار لفظ الإسلام في الآيات الشريفة السابقة دلالة على أنّ المراد به حقيقته دون مجرد الاسم فقط ، للتأكيد المستفاد منه.
بحث روائي :
في الكافي عن أمير المؤمنين (عليهالسلام) قال : «لأنسبنّ الإسلام نسبة لا ينسبه أحد قبلي ، ولا ينسبه أحد بعدي إلّا بمثل ذلك : إنّ الإسلام هو التسليم ، والتسليم هو اليقين ، واليقين هو التصديق ، والتصديق هو الإقرار ، والإقرار هو العمل ، والعمل هو الأداء. إنّ المؤمن لم يأخذ دينه عن رأيه ولكن أتاه من ربه فأخذه. إنّ المؤمن يرى يقينه في عمله والكافر يرى إنكاره في عمله ، فو الذي نفسي بيده فاعرفوا أمرهم فاعتبروا إنكار الكافرين والمنافقين بأعمالهم الخبيثة».
أقول : المراد بالإسلام في المقسم هو الإسلام بالمعنى الأخص أي الإيمان بقرينة ذيل الحديث ، وهو الذي أشار إليه نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله)