عرفت.
قوله تعالى : (وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ). مادة (ا ت ي) تأتي بمعنى المجيء ، بسهولة ، وتستعمل في الأعيان والأعراض ، والخير والشر. والكل مذكور في القرآن الكريم ، قال تعالى : (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [سورة الشعراء ، الآية : ٨٩] ، وقال تعالى : (أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) [سورة التوبة ، الآية : ٧٠] ، وقال تعالى : (وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ) [سورة الأنبياء ، الآية : ٤٧] إلى غير ذلك من الآيات المباركة.
وما اوتي موسى وعيسى عبارة عن التوراة والإنجيل وما حباهما الله تعالى من كرامة الوحي وسائر المعجزات الباهرات. وإنما خصهما بالذكر لكثرة الاهتمام بهما ، ولأن المقام مقام المحاجة مع اليهود والنصارى والإحتجاج عليهما. وإلّا فهما كسائر أنبياء الله تعالى يدعوان إلى التوحيد والإسلام ، ولذا أكد سبحانه وتعالى بعد ذلك ب :
قوله تعالى : (وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ). فلم يكن ذلك خاصا بموسى وعيسى ، فيكون تعميما بعد التخصيص ، وإيضاحا للسبيل ، وإتماما للحجة. والإشارة إلى أن أنبياء الله تعالى متحدون في الدعوة إلى الحق ، وهو أيضا أعم من المعارف التشريعية والمعجزات التي خص الله تعالى بها كل نبي.
قوله تعالى : (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ). أي : قولوا لا نفرق بين أحد من الرسل والأنبياء ونحن لله تعالى مسلمون.
قوله تعالى : (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا). (الباء) في (بمثل) بمعنى التشبيه فقط ، ولفظة «مثل» تفيد معنى الآلية التي ينظر بها جيء به إتماما للحجة ، وقطعا للخصومة ، وهذا شايع ومتعارف عند الناس فليست الكلمة زائدة بل بمعنى التوسعة في المثلية في جميع القرون اللاحقة.
قوله تعالى : (وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ). التولي هو الإعراض