تعالى : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [سورة النحل ، الآية : ١٢٥]. وقد شرحت السنة المقدسة تلك الجهات قولا وعملا ووضع أهل الفلسفة العملية في ذلك كتبا ورسائل نافعة من المسلمين وغيرهم.
ومن تأكيد القرآن الكريم على مراعاة تلك الجهات يستفاد أنه لا بد للعلماء وأهل النظر من رعاية ما ورد في الكتاب والسنّة ، وما وضع في الفلسفة العملية في منهج التعليم والتربية ليكون ذلك داعيا إلى إقبال النّاس على العلم ، وأثبت في تكميل النفوس ؛ وأشد ربطا لقلوب المتعلمين بالمعلمين والمربين.
بحث روائي :
في تفسير العياشي في قوله تعالى : (قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) قال الصادق (عليهالسلام) : «إن الحنيفية هي الإسلام».
أقول : لأنه تبارك وتعالى أمر نبيه (صلىاللهعليهوآله) باتباع ملة إبراهيم ، فأصل الحنيفية جامع بين ملة إبراهيم (عليهالسلام) ودين محمد (صلىاللهعليهوآله) ، ولو فرض اختلاف فهو جزئي بحسب اختلاف الظروف.
وفيه عن زرارة عن أبي جعفر (عليهالسلام) : «ما أبقت الحنيفية شيئا حتّى أن منها قص الشارب وقلم الأظفار والختان».
أقول : هذه الرواية ظاهرة في أن جميع المعارف الإلهية والأحكام التشريعية العملية داخلة في الحنيفية حتّى الجزئيات التي ندب إليها الشرع بالنسبة إلى التزيين والتطهير ، كما في الحديث الآتي ، فيكون قد ذكر الأدنى ليعرف أنّ شمول الحنيفية للأعلى بالفحوى.
وفي تفسير القمي قال : «أنزل الله تعالى على إبراهيم (عليهالسلام) الحنيفية ، وهي الطهارة ، وهي عشرة أشياء ، خمسة في الرأس ، وخمسة في البدن. فأما التي في الرأس : فأخذ الشارب ، وإعفاء اللحى ، وطمّ الشعر ، والسواك ، والخلال. وأما التي في البدن : فحلق الشعر من البدن ، والختان ،