المنهج الأوّل ٣ |
|
التفسير على ضوء السنن الاجتماعية
إنّ النظرة الفاحصة في التفاسير التي ألّفت قبل القرن الرابع عشر يعرب عن أنّ الطابعَ العام لها هو تفسير الآيات القرآنية ، وتبيين مفرداتها ، وتوضيح جملها ، وكشف مفاهيمها بمعزل عن المجتمع ومسائله ومشاكله ، من دون أن يستنطقوا القرآن من أجل وضع الحلول المناسبة لمعاناتهم مع أنّ الواجب على المسلمين الرجوع إلى القرآن لمعالجة دائهم ، كما يقول الإمام علي عليهالسلام :
« ذلك القرآن فاستنطقوه ، ولن ينطق ، ولكن أُخبركم عنه : ألا إنّ فيه علم ما يأتي ، والحديث عن الماضي ، ودواء دائكم ، ونظم ما بينكم ». (١)
فإذا كان هذا موقف القرآن الكريم ، فالحقّ أنّ القدامى لم يولوا العناية بهذا الجانب من التفسير إلّا شيئاً يسيراً ، وأوّل من فتح هذا الباب على مصراعيه هو السيد جمال الدين الأسد آبادي ، فقد وجه أنظار المسلمين إلى الجانب الاجتماعي من التفسير ، فقال في خطبته المعروفة :
عليكم بذكر الله الأعظم ، وبرهانه الأقوم ، فانّه نوره المشرق ، الذي به يخرج من ظلمات الهواجس ، ويتخلّص من عتمة الوسواس ، وهو مصباح النجاة ، من
______________________
١. نهج البلاغة ، الخطبة ١٥٨.