واقعها ، ومن قرأ تاريخ النبي مع اليهود المعاصرين له يقف على أنّهم كيف كانوا يضلّلون الناس بتحريف كتبهم ، بتفسيرها على غير وجهها ؟
ولعلّ وجه التشابه ما أوردناه في الوجه الثاني ، ومعه لا يصحّ لأحد أن يقول : إنّ التشابه بين الفريقين ، هو انّ التحريف قد مسّ جوهر الكتاب المقدّس ، فإنّ ما بأيدي اليهود إنّما كُتب بعد رحيل موسى بخمسة قرون ، ومثلها الإنجيل فإنّه أشبه بكتاب روائيّ يتكفّل ببيان حياة المسيح إلى أن صُلِب وقُبر ، وأين هو من الكتاب السماوي ؟!
نعوذ بالله من الزلل في الرأي والقول والعمل.
وهذه الشبهة أبدعها الملاحدة حول آيات القرآن الكريم ، واتّخذها القائلون بالتحريف ذريعة لعقيدتهم وقد كتب « سايل الانكليزي » كتاباً في هذا الصدد ، ونقله إلى العربية هاشم العربي ـ وكأنّ الاسم اسم مستعار ـ وردّ عليه المحقّق البلاغي بكتاب أسماه « الهدى إلى دين المصطفى » ولنذكر نماذج :
قال سبحانه : ( لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ) (١) مع أنّ الصحيح أن يقول لا تأخذه نوم ولا سنة ، فإنّ الرائج في هذه الموارد هو التدرّج من العالي إلى الداني كما يقال : لا يأخذني عند المطالعة ، نوم ولا سنة.
والجواب : إنّ الأخذ في الآية بمعنى الغلبة واللازم عندئذٍ هو التدرّج من الداني إلى العالي كما هو واضح ، والآية بصدد تنزيهه سبحانه عن كلّ ما يوجب
______________________
١. البقرة : ٢٥٥.