الحاجة ، فهو تخصيص في الأفراد ، مقابل النسخ الذي هو تخصيص في الأزمان.
إذا عرفت ذلك فلنبحث في أُمور :
اختلفت كلمة المليّين في إمكان النسخ وامتناعه ؛ فالمسلمون عامّة على إمكانه ووقوعه ، وأدلّ دليل على إمكانه وقوعه في الشريعة الإسلامية الغرّاء ؛ وحكي عن اليهود امتناعه ، واستدلّوا عليه بوجوه نذكر أهمها :
الأوّل : لو جاز النسخ يلزم صيرورة الحسن قبيحاً والقبيح حسناً ، لأنّ الأمر به آية الحسن ورفعه آية القبح.
يلاحظ عليه : بأنّ الدليل أخصّ من المدّعى ، فانّ لازم ما ذكر امتناع تطرّق النسخ إلى الحسن والقبيح بالذات ، كحسن العدل وقبح الظلم ، أو حسن الوفاء بالعهد وقبح نقضه ، وأمّا الأُمور التي ليست في حدّ ذاتها حسنة أو قبيحة وإنّما تختلف بالوجوه والاعتبارات فلا مانع من تطرّق النسخ إليها ، مثلاً :
كانت المصلحة مقتضية لئن تعتد المرأة المتوفّى عنها زوجها حولاً كاملاً ويُنفق عليها من مال زوجها ما لم تخرج من البيت كما كان عليه العرب قبل الإسلام ، وقد أمضاه القرآن الكريم في آية مباركة ، لما قال : ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ ). (١)
فانّ تعريف الحول باللام إشارة إلى الحَوْل الرائج بين العرب قبل الإسلام.
قال المحقّق القمي : الآية دالّة على وجوب الإنفاق عليها في حول وهو عدّتها ما لم تخرج ، فإن خرجت فتنقضي عدّتها ولا شيء لها. (٢)
______________________
١. البقرة : ٢٤٠. |
٢. القوانين : ٢ / ٩٤. |