القرآن بالمأثور عن النبي المودَع في مجاميع كثيرة يقف عليها المتتبع في أحاديث الشيعة. (١)
وبما ذكرنا علم أنّ الاقتصار في التفسير بالمأثور علىٰ ما روي في كتب القوم لا يرفع الحاجة ، وليس للمفسِّر الواعي محيص من الرجوع إلى ما روي عن علي وأولاده المعصومين عليهمالسلام في مجال التفسير وهي كثيرة. ولعلّه إليهم يشير قوله سبحانه : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ) (٢) فالمصطفون من عباده هم الوارثون علم الكتاب.
ولنذكر نموذجاً من تفسير النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا نزل قوله سبحانه : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) (٣) قال عدي بن حاتم : إنّي وضعت خيطين من شعر أبيض وأسود ، فكنت أنظر فيهما ، فلا يتبيّن لي ، فضحك رسول الله حتى رؤيت نواجذه ، ثمّ قال : « ذلك بياض النهار ، وسواد الليل ». (٤)
إنّ لمعرفة أسباب النزول دوراً هاماً في رفع الإبهام عن الآيات التي وردت في شأن خاص ؛ لأنّ القرآن الكريم نزل نجوماً عبر ثلاثة وعشرين عاماً إجابة لسؤال ، أو تنديداً لحادثة ، أو تمجيداً لعمل جماعة ، إلى غير ذلك من الأسباب التي دعت إلى نزول الآيات ؛ فالوقوف على تلك الأسباب لها دور في فهم الآية بحدها ورفع الإبهام عنها ، فلنأت بأمثلة ثلاثة يكون لسبب النزول فيها دور فعال بالنسبة إلى رفع إبهام الآية.
______________________
١. كتفسير البرهان للسيد البحراني ؛ نور الثقلين للحويزي ، وقبلهما تفسير علي بن إبراهيم وغيرها.
٢. فاطر : ٣٢. |
٣. البقرة : ١٨٧. |
٤. مجمع البيان : ١ / ٢٨١ ، ط صيدا. |