عليها ؟ وهل كانت نافعة أو ضارة ؟ وماذا كان من آثار بعثة الأنبياء فيهم ؟ (١)
والحقّ أنّ تفسير الآيات الواردة في الأُمم الغابرة ابتداءً من آدم وانتهاءً إلى نبيّنا خاتم الأنبياء والرسل رهن الوقوف على تاريخهم وسيرتهم وأعرافهم.
عرف المكي بما نزل قبل الهجرة ، والمدني بما نزل بعدها ، سواء نزل بمكة أم بالمدينة ، عام الفتح أو عام حجّة الوداع أو بسفر من الأسفار. (٢)
ثمّ إنّ الوقوف على الآيات المدنية وتمييزها عن المكية يحصل من خلال أُسلوبين :
الأوّل : الأخذ بأقوال المفسِّرين ومؤلّفي علوم القرآن ، فقد ميّزوا السور المكية عن السور المدنية ، كما ميّزوا الآيات المدنية التي جعلت في ثنايا السور المكية وبالعكس.
الثاني : دراسة مضمون الآية وانّها هل كانت تناسب البيئة المكية أو المدنية ؟ حيث إنّ الطابعَ السائد على أكثر الآيات المكية هو مكافحة الشرك والوثنية ، ونقد العادات والتقاليد الجاهلية ، والدعوة إلى الإيمان بالمعاد ، والتنديد بالكافرين والمشركين ؛ في حين انّ الطابَع السائد علىٰ أكثر الآيات المدنية هو تشريع الأحكام في مختلف المجالات ، والجدال مع أهل الكتاب في إخفاء الحقائق ، والتنديد بالمنافقين الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر ، إلى غير ذلك من العلائم والملامح التي يمكن أن يتميّز بها المكي عن المدني.
______________________
١. تفسير المنار : البقرة : تفسير الآية ٢١٣.
٢. الإتقان : ١ / ٢٦.