المقدّمتين ، وهذا من النتائج السلبية لتقسيم دلالة القرآن إلى القطعي والظنّي ولا يلتزم به أحد إذا أمعن ، ومع ذلك فنحن نعتقد ـ غير هذا ـ بأنّ دلالة الظواهر كالنصوص على معانيها دلالة قطعية لا ظنية ، وذلك بالبيان التالي :
إنّ أساس المحاورة بين الناس هو القطع بالمراد من ظواهر الكلام لا الظن به ، وإلّا لما قام صَرْح الحياة.
كيف لا يكون كذلك فانّ ما يتفوّه به الطبيب يتلقّاه المريض مفهوماً واضحاً لا تردد فيه ، وما يتلقّاه السائل من الجواب من خبير يسكن إليه السائل بلا تردد.
ومع ذلك فكيف يُدّعى انّ ظواهر الكتاب والسنّة أو ما دار بين النبي والسائل هي ظواهر ظنّية ؟!
إنّ القضاء الحاسم في أنّ كشف الظواهر عن مراد المتكلّم هل هو كشف قطعي أو ظنّي ؟ يتوقّف على بيان المهمّة الملقاة على عاتق الظواهر وما هي رسالتها في إطار المحاورة ، فلو تبيّن ذلك لسهل القضاء بأنّ الكشف قطعي أو ظنّي.
فنقول : إنّ للمتكلّم إرادتين :
١. إرادة استعمالية ، وهي استعمال اللفظ في معناه ، أو إحضار المعاني في ذهن المخاطب ، سواء أكان المتكلّم جادّاً أو هازلاً أو مورّياً أو غير ذلك ، سواء أكان المعنى حقيقياً أو مجازياً.
٢. إرادة جدية ، وهي انّ
ما استعمل فيه اللفظ مراد له جداً ، وما هذا إلّا لأنّه ربما يفارق المراد الاستعمالي ، المراد الجدي ، كما في الهازل والمورّي
والمقنّن الذي يُرتِّب الحكم على العام والمطلق مع أنّ المراد الجدي هو الخاص والمقيد ، ففي هذه الموارد تغاير الإرادةُ الجدية الإرادةَ الاستعمالية ، إمّا تغايراً
كليّاً كما في