يظهر من الطبري انّه يخصُّ التفسير بالرأي بتفسير آي القرآن الذي لا يدرك علمه إلّا بنص بيان الرسول ، ومن أظهر مصاديقه ، الآيات الواردة حول الفرائض كالصلاة والزكاة والحجّ حيث إنّ الأجزاء والشرائط والموانع رهن بيان الرسول ، يقول الطبري في ذلك الصدد :
وهذه الأخبار شاهدة لنا على صحّة ما قلنا من أنّ ما كان من تأويل آي القرآن الذي لا يدرك علمه إلّا بنصّ بيان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أو بنصبه الدلالة عليه ، فغير جائز لأحد القيل فيه برأيه ، بل القائل في ذلك برأيه وإن أصاب الحقّ فيه فمخطئ فيما كان ، من فعله بقيله فيه برأيه ، لأنّ إصابته ليست إصابة موقن أنّه محقّ وإنّما هو إصابة خارص وظانّ والقائل في دين الله بالظن قائل على الله ما لم يعلم ، وقد حرم الله جلّ ثناؤه ذلك في كتابه على عباده ، فقال : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) فالقائل في تأويل كتاب الله الذي لا يُدرك علمه إلّا ببيان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي جعل الله إليه بيانه قائل بما لا يعلم وإن وافق قيله ذلك في تأويله ما أراد الله به من معناه ، لأنّ القائل فيه بغير علم قائل على الله ما لا علم له به. (١)
الظاهر انّ ما ذكره من مصاديق التفسير بالرأي وليس التفسير بالرأي منحصراً به.
ويظهر من السيد الخوئي قدسسره احتمال ذلك المعنى ، قال :
______________________
١. تفسير الطبري : ١ / ٢٧.