علمه سبحانه مطابقاً للواقع غير متخلّف عنه ، وأمّا لو صدر فعله عنه في هذا المجال عن جبر واضطرار بلا علم وشعور ، أو بلا اختيار وإرادة ، فعند ذلك يتخلّف علمه عن الواقع.
إذا عرفت ذلك فلنرجع إلى تحليل ما ذكره الرازي بلفظه ، فقال :
فلو صدر منهم الإيمان لزم انقلاب خبر الله تعالى الصدق كذباً ، فنقول :
إنّ هؤلاء لا يصدر منهم الإيمان إلى يوم القيامة قطعاً لكن لا من جهة إخباره سبحانه عنه بل لأجل اختيارهم وانتخابهم عدم الإيمان إلى يوم القيامة ، فالإخبار عن عدم تديّنهم شيء ، وكون الإيمان خارجاً عن الاختيار شيء آخر ، والآية تخبر عن الأوّل دون الثاني.
ومنه يظهر ضعف كلامه الثاني حيث قال : « فكان صدور الإيمان منهم مستلزماً لانقلاب علمه تعالى جهلاً » ، وذلك لأنّه سبحانه أخبر عن عدم صدور الإيمان وبما انّه مخبر صادق لا يصدر منهم الإيمان لكن لا لأجل انّ الله أخبر عنه ، بل لأجل مبادئ كامنة في أنفسهم تجرّهم إلى عدم الإيمان ، فالإخبار عن عدم الإيمان شيء وكون الإيمان خارجاً عن اختيارهم شيء آخر ، والآية تخبر عن الأوّل دون الثاني.
وبما ذكرنا من التحليل تقدر على تحليل الوجه الثالث إذ نمنع انّهم كانوا مكلّفين بعدم الإيمان بل كان أبو لهب مكلفاً بالتوحيد والرسالة فقط.
ذهبت الأشاعرة إلى
جواز رؤيته سبحانه يوم القيامة ، وهذا هو الأصل البارز في مدرستهم الكلامية ، ثم إنّ هناك آيات تدلّ بصراحتها على امتناع رؤيته