الحديث «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل. فإن دخل بها فلها المهر بما استحل منها» (١) وهكذا سائر ما جاء ، في النكاح الفاسد ، من السنة.
والسابع : أن الله أحلّ صيد البحر فيما أحل من الطيبات وحرّم الميتة فيما حرم من الخبائث. فدارت ميتة البحر بين الطرفين فأشكل حكمها. فقال عليهالسلام «هو الطهور ماؤه الحل ميتته» (٢) وروي في بعض الحديث «أحلت لنا ميتتان : الحيتان والجراد» (٣) وأكل عليهالسلام مما قذفه البحر (٤) لما أتى به أبو عبيدة.
والثامن : أن الله تعالى جعل النفس بالنفس وأقصّ من الأطراف بعضها من بعض في قوله تعالى : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ...) [المائدة : ٤٥] إلى آخر الآية ، هذا في العمد.
وأما الخطأ فالدية لقوله : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ) [النساء : ٩٢]. وبيّن عليهالسلام دية الأطراف على النحو الذي يأتي بحول الله. فجاء طرفان أشكل بينهما الجنين إذا أسقطته أمه بالضربة ونحوها. فإنه يشبه جزء الإنسان كسائر الأطراف ويشبه الإنسان التام لخلقته. فبينت السنة فيه أن ديته الغرة وأن له حكم نفسه لعدم تمحض أحد الطرفين له.
والتاسع : أن الله حرم الميتة وأباح المذكاة. فدار الجنين ، الخارج من بطن المذكاة ميتا ، بين الطرفين ، فاحتملهما. فقال في الحديث «ذكاة الجنين ذكاة أمه» (٥) ترجيحا لجانب الجزئية على جانب الاستقلال.
والعاشر : أن الله قال : (فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ
__________________
(١) أخرجه أبو داود في النكاح ، باب في الولي ، حديث رقم ٢٠٨٣.
(٢) أخرجه أبو داود في الطهارة ، باب الوضوء بماء البحر ، حديث ٨٣.
(٣) أخرجه ابن ماجة في الصيد ، باب صيد الحيتان والجراد ، حديث ٣٢١٨.
(٤) أخرجه البخاري في المغازي ، باب غزوة سيف البحر. عن جابر رضي الله عنه قال : غزونا جيش الخبط. وأمر أبو عبيدة. فجعنا جوعا شديدا. فألقى البحر حوتا ميتا ، لم نر مثله ، يقال له العنبر.
فأكلنا منه نصف شهر. فأخذ أبو عبيدة عظاما من عظامه فمر الراكب تحته. قال أبو عبيدة : كلوا. فلما قدمنا المدينة ذكرنا ذلك للنبي صلىاللهعليهوسلم فقال : «كلوا رزقا أخرجه الله. أطعمونا إن كان معكم» فأتاه بعضهم بعضو ، فأكله.
(٥) أخرجه الترمذي في الصيد ، باب ما جاء في ذكاة الجنين.