قرر في مواضع كثيرة من التنبيه على اختلاف أحوال الناس عند هجوم المصائب وانكشافها ، ما كان كثير الوقوع من الأمراض النفسانية. واختار من أيام الله ـ يعني الوقائع التي أحدثها الله سبحانه وتعالى كتنعيم المطيعين ، وتعذيب العصاة ـ ما قرع سمعهم. وذكر لهم إجمالا مثل قصص قوم نوح وعاد وثمود. وكان العرب تتلقاها أبا عن جدّ. ومثل قصص إبراهيم وأنبياء بني إسرائيل عليهمالسلام ، فإنها كانت مألوفة لأسماعهم لمخالطة اليهود والعرب في قرون كثيرة. لا القصص الشاذة غير المألوفة. ولا أخبار المجازاة بين فارس والهنود. وانتزع من القصص المشهورة جملا تنفع في تذكيرهم. ولم يسرد القصص بتمامها مع جميع خصوصياتها.
والحكمة في ذلك أن العوام إذا سمعوا القصص النادرة غاية الندرة ، أو استقصى بين أيديهم ذكر الخصوصيات ـ يميلون إلى القصص نفسها ، ويفوتهم التذكر الذي هو الغرض الأصليّ فيها. ونظير هذا الكلام ما قاله بعض العارفين : إن الناس لما حفظوا قواعد التجويد شغلوا عن الخشوع في التلاوة.
ولما ساق المفسرون الوجوه البعيدة في التفسير صار علم التفسير نادرا كالمعدوم.
ومما تكرر من القصص قصة خلق آدم من الأرض وسجود الملائكة له وامتناع الشيطان منه وكونه ملعونا. وسعيه بعد ذلك في إغواء بني آدم. وقصة مخاصمة نوح وهود وصالح وإبراهيم ولوط وشعيب عليهمالسلام وأقوامهم ، في باب التوحيد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وامتناع الأقوام من الامتثال بشبهات ركيكة ، مع ذكر جواب الأنبياء. وابتلاء الأقوام بالعقوبة الإلهية. وظهور نصرته عزوجل للأنبياء وتابعيهم ، وقصة موسى مع فرعون وقومه ، ومع سفهاء بني إسرائيل ، ومكابرة هذه الجماعة حضرته عليه الصلاة والسلام. وقيام الله سبحانه وتعالى بعقوبة الأشقياء. وظهور نصرة نبيه مرة بعد مرة ، وقصة خلافة داود وسليمان وآياتهما وكراماتهما. ومحنة أيوب ويونس ، وظهور رحمة الله سبحانه لهما ، واستجابة دعاء زكريا. وقصص سيدنا عيسى العجيبة : من تولده بلا أب ، وتكلمه في المهد ، وظهور الخوارق منه. فذكرت هذه القصص بأطوار مختلفة إجمالا وتفصيلا بحسب ما اقتضاه أسلوب السور.
ومن القصص التي ذكرت مرة أو مرتين فقط رفع سيدنا إدريس ، ومناظرة سيدنا إبراهيم لنمروذ ورؤيته إحياء الطير ، وذبح ولده. وقصة سيدنا يوسف ، وقصة ولادة