ونهي مصلحة. وتفصيل الكلام الطويل.
وبالجملة ، فقد كان وقع في العبادات من الطهارة والصلاة والصوم والزكاة والحج فتور عظيم من التساهل في إقامتها ، واختلاف الناس فيها ، بسبب عدم التوقيت في أكثرها ، ودخول تحريفات أهل الجاهلية فيها ، فأسقط القرآن عدم النسق منها ، وسواها حتى استقام أمرها.
وأما تدبير المنزل فقد كان وقع فيها رسوم ضارة وأنواع تعدّ وعتوّ.
وكذلك أحكام السياسة المدنية كانت مختلة ، فضبط القرآن العظيم أصولها ، وحدودها ، ووقتها. وذكر من هذا الباب أنواع الكبائر ، وكثيرا من الصغائر ، وذكرت مسائل الصلاة بطريق الإجمال. وذكر فيها لفظ إقامة الصلاة. ففصّلها رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالأذان وبناء المساجد والجماعة والأوقات وذكرت مسائل الزكاة أيضا بالاختصار ، ففصلها صلىاللهعليهوسلم تفصيلا. وذكر الصوم في سورة البقرة. والحج فيها وفي سورة الحج. والجهاد في سورة البقرة والأنفال ، وفي مواضع متفرقة. والحدود في المائدة والنور. والميراث والنكاح والطلاق في سورة البقرة والنساء والطلاق ، وغيرها.
وإذا عرفت القسم الذي تعم فائدته جميع الأمة ، فهنالك قسم آخر. وذلك مثل أنه كان يعرض عليه صلىاللهعليهوسلم سؤال فيجيب ، أو بذل النفس والأموال من أهل الإيمان في حادثة ، وإمساك المنافقين واتباعهم الهوى ـ فمدح الله سبحانه المؤمنين ، وذم المنافقين مع تهديدهم. أو وقعت حادثة من قبيل نصرة على الأعداء وكفّ ضررهم ـ فمنّ الله سبحانه وتعالى على المؤمنين ، وذكرهم بتلك النعمة. أو عرضت حاجة تحتاج إلى تنبيه وزجر أو تعريض أو إيماء أو أمر أو نهي ـ فأنزل الله سبحانه في ذلك الباب.
فما كان من هذا القبيل فلا بد للمفسر من ذكر تلك القصص بطريق الإجمال.
وقد جاءت تعريضات في قصة بدر في الأنفال. وبقصة أحد في آل عمران. وبالخندق في الأحزاب. وبالحديبية في الفتح. وبني النضير في الحشر. وجاء الحث على فتح مكة وغزوة تبوك في براءة. والإشارة إلى حجة الوداع في المائدة. والإشارة إلى قصة نكاح زينب في الأحزاب. وتحريم السريّة في سورة التحريم (١). وقصة
__________________
(١) أخرج مسلم في الطلاق حديث ١٤٧٤ ، عن عائشة أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش فيشرب عندها عسلا. قالت : فتواطيت أنا وحفصة أن أيتنا ما دخل عليها النبي صلىاللهعليهوسلم ـ