عليهالسلام : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ (١) ، وغير ذلك من الأحاديث فإنها عاضدة بهذا المعنى في الجملة. أما إذا علم أن الموضع موضع اجتهاد لا يفتقر إلى ذينك الأمرين فهم ومن سواهم فيه شرع ، سواء. كمسألة العول والوضوء من النوم ، وكثير من مسائل الربا التي قال فيها عمر بن الخطاب : مات رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولم يبين لنا آية الربا. فدعوا الربا والريبة. أو كما قال :
فمثل هذه المسائل موضع اجتهاد للجميع ، لا يختص به الصحابة دون غيرهم من المجتهدين. وفيه خلاف بين العلماء أيضا. فإن منهم من يجعل قول الصحابيّ ورأيه حجة يرجع إليها ويعمل عليها من غير نظر ، كالأحاديث والاجتهادات النبوية. وهو مذكور في كتب الأصول. فلا يحتاج إلى ذكره هاهنا.
فصل
في أن كل حكاية في القرآن لم يقع لها ردّ فهي صحيحة
قال الشاطبيّ : كل حكاية وقعت في القرآن ، فلا يخلو أن يقع قبلها أو بعدها ، وهو الأكثر ، ردّ لها أو لا ، فإن وقع رد فلا إشكال في بطلان ذلك المحكيّ وكذبه. وإن لم يقع معها رد ، فذلك دليل على صحة المحكيّ وصدقه.
أما الأول فظاهر ولا يحتاج إلى برهان. ومن أمثلة ذلك قوله تعالى : (إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ) [الأنعام : ٩١] فأعقب بقوله : (قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى) [الأنعام : ٩١] الآية. وقال : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً ..) [الأنعام : ١٣٦] الآية ، فوقع التنكيت على افتراء ما زعموا بقوله : (بِزَعْمِهِمْ) وبقوله : (ساءَ ما يَحْكُمُونَ) [الأنعام : ١٣٦] وقالوا : (هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ) [الأنعام : ١٣٨] إلى تمامه. وردّ بقوله : (سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا
__________________
(١) أخرجه أبو داود ، في السنة ، باب في لزوم السنة ، حديث رقم ٤٦٠٧. ونصه : عن العرباض : صلى بنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذات يوم. ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب. فقال قائل : يا رسول الله! كأن هذه موعظة مودع ، فما ذا تعهد إلينا؟ فقال : «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبدا حبشيا. فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا. فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين. تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ. وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة».