جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ، يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً ، وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ ، وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ ، وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ»(١).
والطيب من القول ـ كما ذكر هنا أهل التفسير ـ قد يكون قرآنا مرتلا ، أو تسبيحا مذكّرا ، أو تذكيرا هاديا ، ولننظر كيف عبر الذكر الحكيم هنا بكلمة «هدوا» كأن النطق بالكلمة الطيبة لون جليل من ألوان الهداية والتوفيق ، وكأن تحقيق التمسك بطيب الكلام انما هو من صفات أهل الاهتداء والاستقامة على الطريق.
ويقول الله عز شأنه في سورة فاطر :
«مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً ، إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ، وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ، وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ ، وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ»(٢).
فانظر كيف صور النص الكريم الكلام الحسن الطيب ، كأنه قوة قادرة على الصعود والتسامي الى مواطن القبول الالهي والرضا القدسي ، أو صالحة لكي تبلغ هذا المبلغ الرفيع الكريم.
وهذا هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول ـ كما يروي ابن كثير في تفسيره ـ : «اذا حدثناكم بحديث أتيناكم بتصديق ذلك من كتاب الله تعالى : ان العبد المسلم اذا قال : سبحان الله وبحمده والحمد لله ، ولا
__________________
(١) سورة الحج ، الآية ٢٣ ، ٢٤.
(٢) سورة فاطر ، الآية ١٠.