وفي ظل الشجرة الثابتة التي ضربت مثلا للكلمة الطيبة «يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ». وفي ظل الشجرة الخبيثة المجتثة من فوق الارض ما لها من قرار ولا ثبات «يُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ» بتجاوزهم حدود الطريق ، وبعدهم عن النور الهادي ، «وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ».
واذا كان القرآن الكريم قد حض على التمسك بفضيلة طيب الكلام ، لأنه عنوان النفس الطاهرة ، فانه مع هذا قد حذر مما ينحرف باللسان الى ما لا يليق من الكلام ، ولذلك قال القرآن الكريم ضمن صفات المؤمنين :
«وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ»(١)
واللغو من الكلام هو ما لا يعتد به ولا فائدة فيه ولا يليق بالمسلم أن يردده ، ويطلق اللغو على الكلام القبيح والقول الخبيث.
وكذلك يقول القرآن في سورة النساء :
«لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكانَ اللهُ سَمِيعاً عَلِيماً»(٢).
وهو بذلك ينفر من النطق بالكلام السيء الذي يتضمن سبا أو شتما أو طعنا ، اللهم في موطن القضاء أو الدفاع عن الناس أو مقاومة الظالم ، اذ ليس معنى طيب القول أن يضعف المسلم ، أو يتخاذل أمام اعتداء عليه ، أو اغتصاب لحقه ، والكلمة الطيبة قد تكون قوية صارمة رادعة في الموطن المناسب لذلك ، ومن هنا
__________________
(١) سورة المؤمنون ، الآية ٣.
(٢) سورة النساء ، الآية ١٤٨.