المجاهدة
«المجاهدة» كلمة مأخوذة من مادة «الجهد». وهي تدل في الاصل على المشقة ، وتدل كذلك على الجد والمبالغة في الشيء ، ومن ذلك قولهم : جهد الرجل دابته ، أي حمل عليها في السير فوق طاقتها.
والمجاهدة هي بذل الوسع في المدافعة والمغالبة ، وقد تطلق المجاهدة على استفراغ الوسع في مدافعة العدو. ولكن المجاهدة حين تستعمل في المجال الاخلاقي يراد بها مقاومة الشهوات والاهواء ، ولعل هذا هو ما أشار اليه الحسن البصري حين قال : «ان الرجل ليجاهد وما ضرب يوما من الدهر بسيف».
ومجاهدة النفس كما يراها أهل التهذيب والتربية الروحية والتصفية الاخلاقية هي منع النفس عن اتيان الحرام ، والابتعاد بها عن حمى الاثم ، وعماد ذلك حياة القلب وطهارته ، كما أشار الى ذلك الحديث القائل : «الحلال بيّن ، والحرام بيّن ، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن أبقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن واقع الشبهات وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك ان يقع فيه ، ألا وان لكل ملك حمى ، ألا وان حمى الله محارمه ، ألا وان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله ، واذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب».