التسليم يكتفي بعلمه ، وصاحب التفويض يرضى بحكمه ، فالتوكل بداية ، والتسليم واسطة ، والتفويض نهاية ، فالتوكل صفة المؤمنين ، والتسليم صفة الاولياء ، والتفويض صفة الموحدين (١).
وهناك نوع من التفويض ، يمكن أن نسميه «التفويض العقلي» أو أو «التفويض في الرأي» ، وهو تفويض الحكم في الامور الى الله جل جلاله ، ولعل هذا مما نفهمه من قول القرآن الكريم في سورة النساء :
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ، فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً»(٢).
وننتقل في حديث التفويض الى روضة السنة المطهرة ، ولا ريب أن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه هو خير من فوض أموره الى ربه عزوجل ، ولقد علّم النبي أمته كيف تفوض أمورها الى ربها ، فجاء مثلا في صحيح البخاري عن البراء بن عازب قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم :
«اذا أتيت مضجعك ، فتوضأ وضوءك للصلاة ، ثم اضطجع على شقك الايمن ، ثم قل : اللهم أسلمت وجهي اليك ، وفوضت أمري اليك ، والجأت ظهري اليك ، رغبة ورهبة اليك ، لا ملجأ ولا منجى منك الا اليك ، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت ، ونبيك الذي أرسلت. فان مت من ليلتك فأنت على الفطرة ، واجعلهن آخر ما تتكلم به».
__________________
(١) أنظر كتابي أخلاق القرآن ، ج ٢ ص ٢٢٧.
(٢) سورة النساء ، الآية ٥٩.