ومعنى الحديث بايجاز ـ كما في فتح الباري ـ : «أسلمت» أي استسلمت وانقدت ، والمعنى جعلت نفسي منقادة لك ، تابعة لحكمك ، اذ لا قدرة لي على تدبيرها ، ولا على جلب ما ينفعها اليها ، ولا دفع ما يضرها عنها.
وقوله : «فوضت أمري اليك» أي توكلت عليك في أمري كله ، و «ألجأت» أي اعتمدت في أموري عليك ، لتعينني على ما ينفعني ، لأن من استند الى شيء تقوى به واستعان به ، وخصه بالظهر لأن العادة جرت أن الانسان يعتمد بظهره الى ما يستند اليه.
وقوله : «رغبة ورهبة اليك» أي رغبة في رفدك وثوابك ، ورهبة أي خوفا من غضبك ومن عقابك.
وقال الطيبي : في نظم هذا الدعاء عجائب لا يعرفها الا المتقن من أهل البيان ، فأشار بقوله : «أسلمت نفسي» الى أن جوارحه منقادة لله تعالى في أوامره ونواهيه ، وبقوله : «وجهت وجهي» الى أن ذاته مخلصة له بريئة من النفاق. وبقوله : «فوضت أمري» الى أن أموره الخارجة والداخلة مفوضة اليه ، لا مدبر لها غيره ، وبقوله : «ألجأت ظهري» الى أنه بعد التفويض يلتجىء اليه مما يضره ويؤذيه من الاسباب كلها.
ومن أذكار الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم الدالة على فضيلة التفويض لله ، قوله عند التهجد ـ فيما رواه البخاري ـ : «اللهم لك الحمد ، أنت نور السموات والارض ومن فيهن ، ولك الحمد ، أنت قيّم السموات والارض ومن فيهن ، ولك الحمد ، أنت الحق ، ووعدك حق ، وقولك حق ، ولقاؤك حق ، والجنة حق ، والنار حق ، والساعة حق ، والنبيون حق ، ومحمد حق. اللهم لك أسلمت ، وعليك توكلت ، وبك آمنت ، واليك أنبت ، وبك خاصمت ، واليك حاكمت ، فاغفر لي ما قدمت وما