أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، أنت المقدم ، وأنت المؤخر ، لا اله الا أنت».
* * *
ولقد تجلى التفويض لله في حياة أبي الانبياء ابراهيم عليه وعليهم الصلاة والسلام ، والقرآن خير شاهد على ذلك. فهو يقول في سورة البقرة :
«وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ ، وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ، إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ ، قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ»(١).
وهو يقول في سورة الصافات :
«وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ ، إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ»(٢).
وصورة القلب السليم ـ كما يقول بعض المفسرين ـ هي صورة الاستسلام الخالص ، تتمثل في مجيئه لربه ، وصورة النقاء والطهارة والبراءة والاستقامة تتمثل في سلامة قلبه ، والتعبير بالسلامة تعبير موح مصور لمدلوله ، وهو في الوقت ذاته بسيط قريب المعنى واضح المفهوم ، ومع أنه يتضمن صفات كثيرة من البراءة والنقاوة والاخلاص والاستقامة ، الا أنه يبدو بسيطا غير معقد ، ويؤدي معناه بأوسع مما تؤديه هذه الصفات كلها مجتمعات ، وتلك احدى بدائع التعبير القرآني الفريد.
وهو يقول في سورة الصافات أيضا :
__________________
(١) سورة البقرة ، الآيتان ١٣٠ و ١٣١.
(٢) سورة الصافات ، الآيتان ٨٣ و ٨٤.