والله تبارك وتعالى يمتن على بني الانسان بما حباهم به من الكرامة والتكريم ، والتشريف والتنويه ، فيقول في سورة الاسراء :
«وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ ، وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ، وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً».
يقول أهل التفسير : كرمناهم بحسن الصورة ، والمزاج الاعدل ، والتمييز بالعقل ، والافهام بالنطق والاشارة والحظ ، والاهتداء الى أسباب المعاش والمعاد ، والتسلط على ما في الارض ، والتمكن من الصناعات ، وانسياق الأسباب والمسببات العلوية والسفلية ، الى ما يعود عليهم بالمنافع ، الى غير ذلك مما يقف الحصر دون احصائه.
ومن ذلك ما ذكره عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، وهو أن كل حيوان يتناول طعامه بفمه ، الا الانسان ، فانه يرفعه اليه بيده.
وكذلك حمل الله بني آدم على الدواب وغيرها من المركوبات في البر ، وحملهم في البحر على السفن باختلاف أنواعها ، ورزقهم من الطيبات المستلذات ، مما يكون بفعلهم أو بغير فعلهم ، وفضّلهم على كثير من المخلوقات بالغلبة والاستيلاء ، أو بالشرف والكرامة.
وقيل أيضا في تفسير هذه الآية : كرمنا الانسان بحسن الصورة واعتدال القامة والعقل ، فاهتدى الى الصناعات ومعرفة اللغات ، وحسن التفكير في وسائل المعاش ، والتسلط على ما في الارض ، وتسخير ما في العالم السفلي والعلوي ، وحملناهم على الدواب والقاطرات والطائرات والسفن وغيرها ، (وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ) ، ورزقناهم من الطيبات والاغذية النباتية والحيوانية ، وفضلناهم على كثير من المخلوقات