في سورة الواقعة ، وأنهم :
«فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ»(١).
ويتعرض تفسير «في ظلال القرآن» للآية كذلك ، فيشير الى ان الصبر دعامة من دعائم تحقق الايمان ، وأن التواصي به عنوان على تماسك الامة المؤمنة ، وتكافلها في اقامة مجتمع الايمان والصبر ، لأن أبناء هذه الامة كالجسد الواحد ، أو كالبنيان المرصوص ، يتساندون في النهوض بالاعباء ، والالتزام بالتبعات ، والاداء للواجبات ، ويتعاونون على البر والتقوى ، ويتنافسون في الخير والهدى ، فاذا كان كل منهم يتحلى بفضيلة الصبر في نفسه وذاته ، فهو يسهم مع هذا في توفير روح الصبر عند أخيه في الله تبارك وتعالى ، وهو يشارك في اشاعة روح التعاضد والتساند بين أبناء الامة كلهم ، وهو يتعاون مع اخوته في الله في نشر نسمات الرفق واللين والرحمة بين ربوع مجتمعه ، حتى يكون هذا الفرد المؤمن العامل المعاون الراحم من أهل اليمن والامان ، والنجاة والاطمئنان ، فتأتي في التفسير هذه العبارة :
«الصبر هو العنصر الضروري للايمان بصفة عامة ، ولاقتحام العقبة بصفة خاصة ، والتواصي به يقرر درجة وراء درجة الصبر ذاته : درجة تماسك الجماعة المؤمنة ، وتواصيها على معنى الصبر ، وتعاونها على تكاليف الايمان ، فهي أعضاء متجاوبة الحس ، تشعر جميعا شعورا واحدا بمشقة الجهاد لتحقيق الايمان في الارض وحمل تكاليفه ، فيوصي بعضها بعضا بالصبر على العبء المشترك ، ويثبت بعضها بعضا فلا تتخاذل ، ويقوي بعضها بعضا فلا تنهزم.
وهذا أمر غير الصبر الفردي ، وان يكن قائما على الصبر الفردي ،
__________________
(١) سورة الواقعة ، الآية ٢٩ و ٣٠.