وهو ايحاء بواجب المؤمن في الجماعة المؤمنة ، وهو ألا يكون عنصر تخذيل ، بل عنصر تثبيت ، ولا يكون داعية هزيمة ، بل داعية اقتحام ، ولا يكون مثار جزع ، بل مهبط طمأنينة.
وكذلك التواصي بالمرحمة ، فهو أمر زائد على المرحمة ، انه اشاعة الشعور بواجب التراحم في صفوف الجماعة عن طريق التواصي به ، والتحاض عليه ، واتخاذه واجبا جماعيا فرديا في الوقت ذاته ، يتعارف عليه الجميع ، ويتعاون عليه الجميع. فمعنى الجماعة قائم في هذا التوجيه ، وهو المعنى الذي يبرزه القرآن كما تبرزه أحاديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، لأهميته في تحقيق حقيقة هذا الدين ، فهو دين جماعة ، ومنهج أمة ، مع وضوح التبعة الفردية والحساب الفردي فيه وضوحا كاملا.
وأولئك الذين يقتحمون العقبة ـ كما وصفها القرآن وحددها ـ «أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ». وهم أصحاب اليمين كما جاء في مواضع أخرى ، أو انهم أصحاب اليمن والحظ والسعادة. وكلا المعنيين متصل في المفهوم الايماني».
ويقول القرآن المجيد في سورة العصر :
«وَالْعَصْرِ ، إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ».
أي تحابوا فتبادلوا فيما بينهم الوصية بالحق ـ وهو ضد الباطل ـ ولا يوصي بالحق الا من كان عليما بالحق ، عاملا به ، ثابتا عليه ، فالتواصي بالحق يستلزم أن نعرف الحق ، وأن نؤمن بجمال هذا الحق ووجوبه ،