وأن نخضع لهذا الحق فنتبعه ونتمسك به وندافع عنه ، وأن نخلص أخيرا في هداية غيرنا الى طريقه ، لأن الايمان لا يكمل الا اذا أحب المؤمن لأخيه ما يحبه لنفسه.
وتواصوا بالصبر ، والصبر ملكة تجعل صاحبها يحتمل ما يشق احتماله ، وأن يحتمله دون شكوى ، والصبر أنواع ، فهناك صبر على الطاعة ، وصبر على المعصية ، وصبر في طلب العلم ، وصبر في الاعداد ، وصبر في الجهاد ، وصبر على تبعات الواجب ، وصبر في تعليم الغير ، وصبر عند الغضب ، وصبر ضد شهوات النفس ، وهكذا.
ويلزمنا حين نوصي بالصبر أن نصحح معنى الصبر ، وأن نؤمن بأنه طريق الفوز ، وأن يخلص كل منا في نصيحة أخيه بالتزام الصبر ، فهو لا يكتفي بصلاح نفسه ، بل ينقل الخير الى أخيه في الاسلام.
ولقد قررت سورة العصر أن جنس الانسان في خسار ووبال ، ثم استثنت المتصفين بالايمان والعمل ، ثم وصفتهم بعد ذلك ـ كما يقول الرازي ـ بأنهم قد صاروا لشدة محبتهم للطاعة لا يقتصرون على ما يخصهم ، بل يوصون غيرهم بمثل طريقتهم ليكونوا أيضا سببا لطاعات الغير ، كما ينبغي أن يكون عليه أهل الدين ، وكما يلزم المكلف تحصيل ما يخص نفسه يلزمه في غيره أمور منها الدعوة الى الدين ، والنصيحة ، والامر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وأن يحب لاخيه ما يحب لنفسه.
ويقول الامام محمد عبده : «شرط النجاة من الخسران أن تصبر ، وأن توصي غيرك بالصبر ، وتحمله على تكميل قواه بهذه الفضيلة الشريفة التي هي أم الفضائل بأسرها ، ولا يمكنك حمله على ذلك حتى تكون بنفسك متحليا بها ، والا دخلت فيمن يقول ولا يفعل كما يقول ، فلم تكن ممن يعمل الصالحات».