وسلامه عليه قال : «حسن الظن من حسن العبادة». فتحسين الظن بالناس يحفظه من بغضهم وحسدهم ، ولذا كان عبادة ، كما أن سوء الظن بهم معصية. وأما سوء الظن بالله تعالى فكفر نعوذ بالله منه.
والشيطان يحاول دائما اثارة سوء الظن ، وتحريكه في نفس الانسان ليؤدي به الى المعاطب ، والسنة المطهرة تخبرنا بذلك ، فقد روت أم المؤمنين صفية بنت حيي ان النبي صلىاللهعليهوآله كان معتكفا في المسجد ، فذهبت اليه وتحدثت معه ، فلما أمست انصرفت ، فقام رسول الله يمشي معها ، فمر بهما رجلان من الانصار ، فسلما وانصرفا ، فناداهما النبي وقال : «انها صفية بنت حيي».
فقالا : يا رسول الله ، ما نظن بك الى خيرا.
فقال : «ان الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم من الجسد ، واني خشيت أن يدخل عليكما».
ويعلق الامام الغزالي على هذا الخبر بقوله في الاحياء : «فانظر كيف أشفق صلىاللهعليهوآله على دينهما فحرسهما ، وكيف أشفق على أمته فعلمهم طريق الاحتراز من التهمة ، حتى لا يتساهل العالم الورع المعروف بالدين في أحواله ، فيقول : مثلي لا يظن به الا الخير ، اعجابا منه بنفسه ، فان أروع الناس واتقاهم واعلمهم لا ينظر الناس كلهم اليه بعين واحدة ، بل بعين الرضا بعضهم ، وبعين السخط بعضهم ، ولذلك قال الشاعر :
وعين الرضا عن كل عيب كليلة |
|
كما أن عين السخط تبدي المساويا |
فيجب الاحتراز عن ظن السوء ، وعن تهمة الاشرار ، فان الاشرار لا يظنون بالناس كلهم الا الشر ، فمهما رأيت انسانا يسيء الظن بالناس طالبا للعيوب ، فاعلم أنه خبيث في الباطن ، وأن ذلك خبثه يترشح منه ، وانما رأى غيره من حيث هو ، فان المؤمن يطلب المعاذير ، والمنافق يطلب