العيوب ، والمؤمن سليم الصدر في حق كافة الخلق».
ومن واجب المسلم أن يتذكر أن رسوله عليه الصلاة والسلام يدعو الى تغليب حسن الظن على سوء الظن ، وينهى عن تتبع الزلات وتطلب العورات ، فيقول : «لا تؤذوا عباد الله ولا تعيروهم ، ولا تطلبوا عوراتهم ، فانه من طلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في بيته». بل لقد نهى الرسول صلىاللهعليهوآله وليّ الأمر عن أن يجعل سوء الظن أساس المعاملة للناس ، فقال : «ان الامير اذا ابتغى الريبة في الناس أفسدهم». أي لا ينبغي معاملتهم بالتهمة القائمة على سوء الظن فربما أفسدهم بذلك.
وكذلك جاء في الحديث : «اذا ظننت فلا تحقق». وقد أشار الغزالي الى أن فتح باب الشر يأتي من طريق سوء الظن ، فقال : «فمن يحكم بشر على غيره بالظن ، بعثه الشيطان على أن يطول فيه اللسان بالغيبة فيهلك ، أو يقصر في القيام بحقوقه ، أو يتوانى في اكرامه ، وينظر اليه بعين الاحتقار ، ويرى نفسه خيرا منه ، وكل ذلك من المهلكات ، ولأجل هذا منع الشرع من التعرض للتهم».
ولكن ... ليس معنى الدعوة الى حسن الظن أن يغفل المسلم عن حيل أعدائه ومكرهم وسوء سعيهم ، بل عليه أن يكون يقظا حذرا ، والقرآن الحكيم يقول في سورة النساء :
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ»(١).
وفي الحديث : «احتجزوا من الناس بسوء الظن» أي لا تثقوا بكل أحد فانه أسلم لكم. وقد سبق لي ان تحدثت عن «الحذر» في الجزء
__________________
(١) سورة النساء ، الآية ٧١.