صدقه والبشارة به ، فالقرآن هو فضل الله الاكبر الذي يستحق أن يفرح به المؤمن.
ويقول الحق جل جلاله في أول سورة الروم :
«الم ، غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ»(١).
ذكر أهل التفسير أن المشركين كانوا يحبون أن تظهر فارس على الروم لأنهم أصحاب أوثان ، وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس لأنهم أهل كتاب ، وقد تحقق ما ذكرته الآيات ، وهو انتصار الروم بعد هزيمتهم ، ففرح المؤمنون حينئذ بتحقق وعد الله تعالى ، لأن النصر لا يكون الا من عند الله.
* * *
هذا ولقد جعل أبو حامد الغزالي الفرح بفضل الله ونعمته أحد أصول ثلاثة يتحقق بها شكر الله تعالى على النعمة ، وبعد أن تحدث الغزالي عن الاصل الاول وهو «العلم بالنعمة» تكلم عن الاصل الثاني وهو «الفرح بالله الذي أنعم بالنعمة» فقال على طريقته ما يلي :
«الاصل الثاني : الحال المستمدة من أصل المعرفة ، وهو الفرح بالمنعم مع هيئة الخضوع والتواضع ، وهو أيضا في نفسه شكر على تجرده ، كما أن المعرفة شكر ، ولكن انما يكون شكرا اذا كان حاويا شرطه ، وشرطه
__________________
(١) سورة الروم ، الآية ٤.