«وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ، فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ» (١).
أي يسرون بلحوق من لحقهم من اخوانهم على ما مضوا عليه من جهادهم ، ليشركوهم فيما هم فيه من ثواب الله تعالى الذي اعطاهم.
وقال السدي : يؤتى الشهيد بكتاب فيه : يقدم عليك فلان يوم كذا وكذا ، ويقدم عليك فلان يوم كذا وكذا ، فيسر بذلك كما يسر أهل الدنيا بغائبهم اذا قدم.
وقال سعيد بن جبير : لما دخلوا الجنة ، ورأوا ما فيها من الكرامة للشهداء قالوا : يا ليت اخواننا الذين في الدنيا يعلمون ما عرفناه من الكرامة ، فاذا شهدوا القتال باشروه بأنفسهم حتى يستشهدوا فيصيبوا ما أصابنا من الخير ، فأخبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأمرهم وما هم فيه من الكرامة وأخبرهم ربهم أني قد أنزلت على نبيكم وأخبرته بأمركم وما أنتم فيه ، فاستبشروا بذلك فذلك قوله : «ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم الا خوف عليهم ولا هم يحزنون».
ثم يقول تعالى : «يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين» فهم يطلبون البشرى بالذين لم يلحقوا بهم من اخوانهم ، أي يتوقعون أن يبشرهم مبشر في وقت قريب بقدوم هؤلاء الاخوان عليهم شهداء مقتولين كما قتلوا فيكون لهم الفوز الكبير والاجر العظيم.
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية ١٦٩ ، ١٧٠.