ويقول تعالى في سورة البقرة :
«وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ» (١).
يعلم الله عباده في هذه الآية الكريمة ان المؤمنين الموفّقين لرضا الله ورضوانه هم الذين يصبرون على المتاعب ، ويتأدبون بمقاومة الشدائد ، ويتطلعون الى الانوار من خلال الظلمات ، ويغلّبون جانب الرجاء على جانب اليأس. وهؤلاء يبشرهم خالقهم بأن ايمانهم بربهم هو الذي يربي فيهم الثقة والصبر ، ويولّد فيهم الامل ، ويبلغهم مواطن الفوز والظفر ، ويجعلهم أهلا لحسن العاقبة في الامور كلها. ولذلك هم أهل للبشرى الواسعة الشاملة التي لم تحدد بنوع أو جهة.
وقد وصفهم بأن فضيلة الاستبشار تدفعهم الى الرضا والتسليم والخضوع المطلق لله في سائر الاحوال. ولذلك وصفهم بقوله : «الذين اذا أصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون». ولذلك كان الجزاء عظيما : «أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون».
ويقول الله تبارك وتعالى في سورة الانفال :
«وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ. وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ» (٢).
وقد سبق لنا الاشارة الى هذه الآية الكريمة ، وفيها يقول ابن جرير : وما جعل الله وعده اياكم ما وعدكم به من امداده اياكم بالملائكة الذين
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ١٥٥.
(٢) سورة الانفال ، الآية ١٠.