النبيّ صلىاللهعليهوسلم (١) «إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم». وورد أنه صلىاللهعليهوسلم أخرج الصارع من الجن من جوف المصروع في صورة كلب. ونحو ذلك. وفي كتب الله سبحانه وتعالى المتقدمة ما لا يحصى من مثل ذلك. وأما مشاهدة المصروع يخبر بالمغيبات وهو مصروع غائب الحس ، وربما كان ملقى في النار وهو لا يحترق ، وربما ارتفع في الهواء من غير رافع ـ فكثير جدا. لا يحصى مشاهدوه. إلى غير ذلك من الأمور الموجب للقطع أن ذلك من الجن أو الشياطين. وها أنا أذكر لك في ذلك من أحاديث النبيّ صلىاللهعليهوسلم ما فيه مقنع لمن تدبره والله الموفق.
روى الدارميّ (٢) في أوائل مسنده بسند حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة جاءت بابن لها إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالت : يا رسول الله : إن ابني به جنون وأنه يأخذه عند غدائنا وعشائنا. فيخبّث علينا. فمسح رسول الله صلىاللهعليهوسلم صدره ودعا. فثعّ ثعّة. وخرج من صدره مثل الجرو الأسود فسعى. (وقوله ثع بمثلثة ومهملة أي قاء).
وللدارميّ أيضا وعبد بن حميد بسند حسن أيضا عن جابر رضي الله عنه قال : خرجت مع النبيّ صلىاللهعليهوسلم في سفر. فركبنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم. ورسول الله صلىاللهعليهوسلم بيننا كأنما على رؤوسنا الطير ، تظلنا. فعرضت له امرأة معها صبيّ لها. فقالت : يا رسول الله! إن ابني هذا يأخذه الشيطان كل يوم ثلاث مرار. فتناول الصبيّ فجعله بينه وبين مقدم الرحل. ثم قال : اخسأ ، عدو الله! أنا رسول الله (ثلاثا) ثم دفعه إليها.
وأخرجه الطبرانيّ من وجه آخر. وبيّن أن السفر غزوة ذات الرقاع وأن ذلك كان في حرّة واقم. قال جابر : فلما قضينا سفرنا مررنا بذلك المكان. فعرضت لنا المرأة ومعها صبيها ومعها كبشان تسوقهما. فقالت : يا رسول الله! اقبل مني هديتي. فو الذي بعثك بالحق! ما عاد إليه بعد. فقال : خذوا منها واحدا ، وردوا عليها الآخر.
ورواه البغويّ في (شرح السنة) عن يعلى بن مرة رضي الله عنه.
ثم ساق البقاعيّ ما جاء في الإنجيل. قال : وذلك كثير جدا. يعني ما وقع
__________________
(١) أخرجه البخاريّ في : الأحكام ، ٢١ ـ باب الشهادة تكون عند الحاكم في ولايته القضاء. ونصه عن عليّ بن الحسن أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أتته صفية بنت حييّ. فلما رجعت انطلق معها. فمرّ به رجلان من الأنصار. فدعاهما فقال «إنما هي صفية» قالا : سبحان الله. قال «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم».
(٢) أخرجه الدارميّ في المقدمة ، ٤ ـ باب ما أكرم الله به نبيّه من إيمان الشجر به والبهائم والجن.