(وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) لأنهم فرحون بما آتاهم ربهم ووقاهم عذاب الجحيم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٢٧٨)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ) أي اخشوا الله في الربا لأن فيه إبطال حكمته تعالى في خلق الأموال (وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا) أي اتركوا ما بقي لكم من الربا على الغرماء (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) على الحقيقة. فإن ذلك مستلزم لما أمرتم به البتة.
قال الحراليّ : فبيّن أن الربا والإيمان لا يجتمعان.
القول في تأويل قوله تعالى :
(فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) (٢٧٩)
(فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا) أي لم تتركوا ما بقي (فَأْذَنُوا) أي اعلموا (بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) قال المهايميّ : أي إن لم تفعلوا ترك ما بقي كنتم متهاونين بأمره. ومن تهاون بأمر ملك حاربه.
والحرب نقيض السلم. ومن حاربه الله ورسوله لا يفلح أبدا. وفيه إيماء إلى سوء الخاتمة إن دام على أكله. (وَإِنْ تُبْتُمْ) من الربا (فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ) أي أصولها (لا تَظْلِمُونَ) بطلب الزيادة (وَلا تُظْلَمُونَ) بالنقص والمطل. بل لكم ما بذلتم من غير زيادة عليه ولا نقص فيه. ثم أمر تعالى بالصبر على المعسر الذي لا يجد وفاء ، فقال :
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٢٨٠)
(وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ) أي بالكل أو البعض (فَنَظِرَةٌ) أي فالواجب إمهال بقدر ما أعسر (إِلى مَيْسَرَةٍ) أي بذلك القدر. لا كما كان أهل الجاهلية يقول أحدهم لمدينه إذا حل عليه الدين : إما أن تقضي وإما أن تربي. ثم ندب تعالى إلى الوضع من المعسر ووعد عليه الخير والثواب الجزيل فقال : (وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ