[يوسف : ٣٦ ـ ٣٧]. وقول الملأ : (أَضْغاثُ أَحْلامٍ وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ) [يوسف : ٤٤]. (وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ) [يوسف : ٤٥]. وقول يوسف لما دخلوا عليه مصر وآوى إليه أبويه وقال : (ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ) [يوسف : ٩٩]. (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا) [يوسف : ١٠٠].
فتأويل الأحاديث التي هي رؤيا المنام هي نفس مدلولها التي تؤول إليه ، كما قال يوسف : (هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ) [يوسف : ١٠٠]. والعالم بتأويلها الذي يخبر به ، كما قال يوسف : (لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ). أي في المنام. (إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما). أي قبل أن يأتيكما التأويل. وقال الله تعالى : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) [النساء : ٥٩]. قالوا : أحسن عاقبة ومصيرا ، فالتأويل هنا تأويل فعلهم الذي هو الرد إلى الكتاب والسنة ، والتأويل في سورة يوسف تأويل أحاديث الرؤيا ، والتأويل في الأعراف ويونس تأويل القرآن ، وكذلك في سورة آل عمران. وقال تعالى في قصة موسى والعالم : (قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) [الكهف : ٧٨]. إلى قوله : (وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ، ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) [الكهف : ٨٢]. فالتأويل هنا تأويل الأفعال التي فعلها العالم من خرق السفينة بغير إذن صاحبها. ومن قتل الغلام ، ومن إقامة الجدار. فهو تأويل عمل ، لا تأويل قول ، وإنما كان كذلك لأن التأويل مصدر أوّله يؤوله تأويلا ، مثل حوّل تحويلا ، وعول تعويلا. و (أوّل يؤوّل) تعدية (آل يؤول أولا) ، مثل حال يحول حولا وقولهم (آل يؤول) أي عاد إلى كذا ورجع إليه ، ومنه المآل ، وهو ما يؤول إليه الشيء. ويشاركه في الاشتقاق الموئل ، فإنه وأل ، وهذا من أول ، والموئل المرجع ، قال تعالى : (لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً). ومما يوافقه في اشتقاقه الأصغر الآل ، فإن آل الشخص من يؤول إليه ، ولهذا لا يستعمل إلا في عظيم ، بحيث يكون المضاف إليه يصلح أن يؤول إليه الآل. كآل إبراهيم وآل لوط وآل فرعون. بخلاف الأهل. والأول أفعل ، لأنهم قالوا في تأنيثه أولى ، كما قالوا جمادى الأولى ، وفي القصص : (لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ). ومن الناس من يقول فوعل ويقول (أوّله) إلا أن هذا يحتاج إلى شاهد من كلام العرب ، بل عدم صرفه يدل على أنه أفعل لا فوعل. فإن فوعل مثل كوثر وجوهر مصروف. سمي المتقدم أول ـ والله أعلم ـ لأن ما بعده يؤول إليه ويبنى عليه ، فهو أس لما بعده وقاعدة له. والصيغة