روى الحاكم في (صحيحه) من حديث عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ، ونور السموات والأرض! وله مع البلاء ثلاث مقامات : أحدها ، أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه. الثاني ، أن يكون أضعف من البلاء فيقوى عليه البلاء فيصاب به العبد ، ولكن قد يخففه وإن كان ضعيفا. الثالث ، أن يتقاوما ويمنع كل واحد منهما صاحبه ..!.
وقد روى الحاكم في (صحيحه) من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا يغني حذر من قدر. والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل. وإنّ البلاء لينزل فيلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة!. وفيه أيضا ، من حديث ابن عمر عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل. فعليكم ، عباد الله ، بالدعاء!. وفيه أيضا : من حديث ثوبان عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم : لا يردّ القدر إلّا الدعاء. ولا يزيد في العمر إلّا البرّ. وإنّ الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ..!.
ثم قال ابن القيّم رضي الله عنه : ومن أنفع الأدوية الإلحاح في الدعاء. وقد روى ابن ماجة في (سننه) (١) من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : من لم يسأل الله يغضب عليه! وفي (صحيح الحاكم) من حديث أنس عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم : لا تعجزوا في الدعاء فإنه لا يهلك مع الدعاء أحد. وذكر الأوزاعي عن الزهريّ عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنّ الله يحبّ الملحّين في الدعاء! وفي كتاب (الزهد) للإمام أحمد عن قتادة قال : قال مورّق : ما وجدت للمؤمن مثلا إلا رجل في البحر على خشبة. فهو يدعو : يا ربّ! لعلّ الله عزوجل أن ينجيه ..!.
ثم قال ابن القيّم ، نوّر الله ضريحه : ومن الآفات التي تمنع ترتب أثر الدعاء عليه ، أن يستعجل العبد ويستبطئ الإجابة فيستحسر ويدع الدعاء. وهو بمنزلة من بذر بذرا أو غرس غرسا ، فجعل يتعاهده ويسقيه. فلما استبطأ كماله وإدراكه تركه وأهمله ..! وفي البخاري (٢) من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : يستجاب لأحدكم ما لم يعجل. يقول : دعوت فلم يستجب لي!. وفي صحيح مسلم (٣) عنه : لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل! قيل : يا رسول
__________________
(١) أخرجه ابن ماجة في : الدعاء ، ١ ـ باب فضل الدعاء ، حديث ٣٨٢٧ (طبعتنا) ونصه : عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «من لم يدع الله ، سبحانه ، غضب عليه».
(٢) أخرجه البخاريّ في : الدعوات ، ٢٢ ـ باب يستجاب للعبد ما لم يعجل ، حديث ٢٣٩٩.
(٣) أخرجه مسلم في : الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار ، حديث ٩٢ (طبعتنا).