قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير القاسمي [ ج ٢ ]

487/502
*

الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فإذا هو في مشربة ، وإنه لعلى حصير ما بينه وبينه شيء ، وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف ، وعند رجليه قرظ مصبور ، وعند رأسه أهب معلقة ، فرأيت أثر الحصير في جنبه ، فبكيت! فقال : ما يبكيك؟ قلت : يا رسول الله! إن كسرى وقيصر فيما هم فيه ، وأنت رسول الله! فقال : أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ، ولنا الآخرة؟

وروى ابن أبي حاتم وعبد الرزاق عن عبد الله بن مسعود أنه قال : ما من نفس برة ولا فاجرة ، إلا الموت خير لها. لئن كان برّا ، لقد قال الله تعالى (وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ) وقرأ : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ ، إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً ، وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) [آل عمران : ١٧٨].

وروى ابن جرير عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه كان يقول : ما من مؤمن إلا والموت خير له ، وما من كافر إلا والموت خير له ، ومن يصدقني فإن الله يقول (وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ) ويقول (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ ...) الآية.

وأخرج نحوه رزين عن ابن عباس.

__________________

ـ قال : ثم خرجت حتى دخلت على أم سلمة ، لقرابتي منها. فكلمتها. فقالت أم سلمة : عجبا لك يا ابن الخطاب! دخلت في كل شيء حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأزواجه؟

فأخذتني ، والله! أخذا كسرتني عن بعض ما كنت أجد. فخرجت من عندها.

وكان لي صاحب من الأنصار ، إذا غبت أتاني بالخبر ، وإذا غاب كنت أنا آتيه بالخبر. ونحن نتخوّف ملكا من ملوك غسّان ذكر لنا أنه يريد أن يسير إلينا. فقد امتلأت صدورنا منه. فإذا صاحبي الأنصاريّ يدق الباب. فقال : افتح ، افتح. فقلت : جاء الغسّاني؟ فقال : بل أشد من ذلك. اعتزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أزواجه. فقلت : رغم أنف حفصة وعائشة. فأخذت ثوبي ، فأخرج حتى جئت فإذا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في مشربة له يرقى عليها بعجلة. وغلام لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أسود ، على رأس الدرجة. فقلت له : قل هذا عمر بن الخطاب. فأذن لي.

قال عمر : فقصصت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم هذا الحديث. فلما بلغت حديث أم سلمة تبسم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وإنه لعلى حصير ، ما بينه وبينه شيء. وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف. وإن عند رجليه قرظا مصبوبا. وعند رأسه أهب معلّقة. فرأيت أثر الحصير في جنبه فبكيت. فقال : ما يبكيك؟ فقلت : يا رسول الله! إن كسرى وقيصر فيما هما فيه ، وأنت رسول الله؟ فقال «أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟» وأخرجه مسلم في : الطلاق ، حديث ٣٠ و ٣١.