وقد ثبت في الحديث (١) أن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه لما قرأ سورة (كهيعص) بحضرة النجاشي ملك الحبشة ، وعنده البطاركة والقساقسة ، بكى وبكوا معه ، حتى أخضبوا لحاهم.
وثبت في الصحيحين (٢) أن النجاشي لما مات نعاه النبيّ صلىاللهعليهوسلم إلى أصحابه ، وقال : إن أخا لكم بالحبشة قد مات فصلوا عليه ، فخرج إلى الصحراء فصفهم وصلى عليه.
وروى ابن أبي حاتم والحافظ أبو بكر بن مردويه عن أنس بن مالك قال : لما توفي النجاشي ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : استغفروا لأخيكم. فقال بعض الناس : يأمرنا أن نستغفر لعلج مات بأرض الحبشة؟! فنزلت : (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ...) الآية ـ ورواه عبد بن حميد أيضا مرسلا. ورواه ابن جرير عن جابر ، وفيه : فقال المنافقون : يصلي على علج مات بأرض الحبشة؟! فنزلت.
وروى الحاكم في (مستدركه) عن عبد الله بن الزبير قال : نزل بالنجاشي عدوّ من أرضهم ، فجاءه المهاجرون فقالوا : إنا نحب أن نخرج إليهم حتى نقاتل معك وترى جرأتنا ونجزيك بما صنعت بنا ، فقال : لداء بنصر الله عزوجل ، خير من دواء بنصرة الناس. قال وفيه نزلت : (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ...) الآية ـ ثم قال : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه.
وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد : وإن من أهل الكتاب ، يعني مسلمة أهل الكتاب.
وقال عباد بن منصور : سألت الحسن البصريّ عن قول الله : (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) الآية ـ قال : هم أهل الكتاب الذين كانوا قبل محمد صلىاللهعليهوسلم ، فاتبعوه وعرفوا الإسلام ، فأعطاهم الله أجر اثنين : للذي كانوا عليه من الإيمان قبل محمد صلىاللهعليهوسلم ، واتباعهم محمدا صلىاللهعليهوسلم ـ رواه ابن أبي حاتم ـ.
__________________
(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده رقم ١٧٤٠.
(٢) أخرجه البخاريّ في : الجنائز ، ٤ ـ باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه ، حديث ٦٦٨ ، عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم في : الجنائز ، حديث ٦٢ و ٦٣ ، وحديث ٦٤ و ٦٥ و ٦٦ ، وحديث ٦٧ عن عمران بن حصين.