كلّ سفر موجبا لسقوط الصوم.
قوله تعالى : (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ).
عدّة بالرفع على أنّه خبر ، والتقدير ـ كما يدل عليه سياق الآية ـ كتب عليه صوم عدة أيام أخر ، وهذا هو الذي اصطلح عليه الشرع بالقضاء.
وعدّة فعلة من العد ، وهي بمعنى المعدود أي : عليه أيام معدودات مكان الأيام المعدودة التي فاتته بسبب المرض أو السفر.
قوله تعالى : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ).
مادة (طوق) تدل على ما يحيط بالعنق إما خلقة ، كطوق الحمامة ، أو صفة كالقلادة ، والطوق من الذهب ، أو جزاء في الآخرة ، كقوله تعالى : (سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) [آل عمران ـ ١٨٠]. وتطلق على ما يعمله الإنسان بمشقة ، وفي الحديث : «كل امرء مجاهد بطوقه» فيكون معنى قوله تعالى : (يُطِيقُونَهُ) : وعلى الذين يصومون بمشقة ، ويكون إتيانهم للصيام جهد طاقتهم ، وقد فسر في الأحاديث بالشيوخ والضعفاء وذي العطاش ، ويأتي في البحث الروائي ما يتعلق بذلك.
والآية المباركة ليست منسوخة بشيء كما نسب إلى جمع إذ لا دليل عليه إلا أن يراد من النسخ غير معناه الاصطلاحي كما هو كثير في كلام المتقدمين.
ومادة (فدي) تأتي بمعنى العوض والبدل فإن كان المبدل منه إنسانا يسمى (فداء) بكسر الفاء والمد ، أو (فدى) بالفتح والقصر ، وإن كان عبادة مركبة تسمى (فدية) مثل كفارة اليمين والصوم ، وكفارات الإحرام. وقد ورد الاستعمالان في القرآن الكريم بهيئات مختلفة ، قال تعالى : (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً) [سورة محمد ـ ٤] ، وقال تعالى : (فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ) [الحديد ـ ١٥] ، وقال تعالى : (يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ) [المعارج ـ ١١] ، وقال جلّ شأنه : (وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) [الصافات ـ ١٠٧].
واصطلح في السنة المقدسة على بدل الصوم إذا ترك لعذر الفدية وإذا ترك عمدا وبلا عذر مقبول فالجزاء الكفارة ، وعليه اصطلاح فقهاء الفريقين ، وقد يطلق أحدهما على الآخر.