وطلب الحكمة ، واختلافها ، وفائدتها دون حقيقتها كما يقتضيه الجواب أيضا.
ولكن يمكن أن يقال : بأنّ الجواب منزّل على ما تدركه عقولهم من الحكمة ، فالمناسب أن يكون السؤال عن الحقيقة والسبب الفاعلي أيضا. فيكون الجواب تعريضا لهم.
وفيه من التنبيه إلى أنّ السؤال لا بد أن يكون محدودا بحدود خاصة بحيث تكون فيه الفائدة الدينية أو الدنيوية ، وأنّ السؤال بغير ذلك يكون لغوا.
ويؤيد ذلك أنّ السؤال كان من تلقين اليهود الذين كانوا في مقام تعجيز المسلمين بأي وجه أمكنهم ، فالمنساق من السؤال أن يكون عن السبب الفاعلي لذلك ، ولكن عقولهم كانت قاصرة عن درك ذلك فأعرض سبحانه وتعالى عنه إلى جواب آخر يكون أنفع لهم ، وهذا من جهات البلاغة ومحاسنها فيجيب بمصلحة الوقت وحال السائل.
وكيف كان ففي السؤال وتلفيق الجواب من اللطف والحنان ما لا يمكن أن ينطق باللسان كيف وفيه إعلام علاقة المعلّم بالمتعلّم وهي من أشد مراتب المحبة لأنّها سبب لرفع الجهل وموجبة لتكميل النفوس وتزويدها بنور العلم.
ومن أسئلة أمة نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) يعرف الفرق بينهم وبين سائر الأمم في الجملة ، كأمة موسى (عليهالسلام) حيث قالوا : (أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً) [النساء ـ ١٥٣] ، وهكذا بقية الأمم التي حكى الله تعالى عنها في كتابه الكريم ، وهذا الفرق من مقتضيات قانون الارتقاء في نظام التكوين.
قوله تعالى : (قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِ)
مادة [وق ت] تأتي في الأصل للزمان المفروض للفعل ، ولها استعمالات كثيرة في القرآن بهيئات مختلفة ، قال تعالى : (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) [النساء ـ ١٠٣] ، وقال تعالى : (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ) [الدخان ـ ٤٠] ، لأنّه يوم عرض الأعمال على العظيم المتعال ، وقال تعالى : (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ* لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ) [المرسلات