والإتيان هو المجيء بسهولة ، وله استعمالات كثيرة في القرآن بهيئات مختلفة ، ويستعمل بالنسبة إلى الله عزوجل ، قال تعالى : (فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ) [النحل ـ ٢٦] ، وقال تعالى : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) [النحل ـ ١] ، وفي غيره سبحانه من الجواهر والأعراض ، قال تعالى : (وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسالى) [التوبة ـ ٥٤] ، وقال تعالى : (فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى) [طه ـ ٦٠] ، إلى غير ذلك من الآيات الشريفة.
والبيت : مأوى الإنسان بالليل ، يقال : بات ، أي أقام بالليل ، كما يقال ظلّ بالنهار ، وغلب استعماله لمطلق السكن من غير اعتبار الليل ، وجمعه بيوت وأبيات. والأول في السكن أشهر ، والثاني في الشّعر.
وقد استعمل لفظ بيت ، وبيوت في القرآن الكريم كثيرا ، ولم يرد فيه لفظ أبيات. وفي الحديث عن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «إنا معاشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة» ويمكن حمله على الأعم من البيوت الظاهرية والقلب الحريص على الدنيا ، فإنّ أشهر الصفات الرذيلة للكلب هي الحرص حتى يضرب بذلك المثل ، وحمل الصورة على الأعم منها ومن القلب الذي فيه العلاقة بغير الله تعالى ، كما أنّ الملائكة لهم درجات كذلك لهبوطهم ودخولهم والإشراق بواسطتهم.
والمراد بظهورها : الطرق غير المتعارفة للسلوك إلى البيوت دون بابها المعدّ له عادة.
والآية تدل على ثبوت عادة سيئة كانت متعارفة في العصر الجاهلي وقد نهى سبحانه عن ذلك ، فقد ورد أنّهم إذا أحرموا في الجاهلية أتوا البيت من ظهره ، كما سيأتي في البحث الروائي ، فنفي البر عن هذا العمل يدل على أنّه لم يكن مرضيّا لله تعالى.
ولكن الظاهر أنّ الآية الشريفة كناية عن مطلق التشريعات الحاصلة عن الجهل بالواقع ، والزعم بأنّها هي البر من غير اختصاص بقوم دون قوم ، ولا عصر دون آخر ، وما ورد في شأن نزول الآية إنّما هو من ذكر أحد المصاديق.