بحث علمي
الآية الشريفة تدل على أنّ الحكمة في الأهلة هي معرفة الأوقات وتحديد الزمن بها ، وقد ذكر سبحانه وتعالى ذلك في آية أخرى ببيان أوضح وأشمل ، قال تعالى : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [يونس ـ ٥] ، وتوقيت الزمان والحساب من الأمور الضرورية للإنسان في جميع أموره وبه يرتب شؤون حياته ونظام دينه ، فإنّ أفعال الإنسان هي من الأمور الزمانية ـ أي : الواقعة في سلسلة الزمان ـ وذلك يتطلب تحديد الأفعال وتنظيم جميع الشؤون تنظيما زمنيا دقيقا.
ومن المعلوم أنّ العام والشهر واليوم هي وحدات فلكية لقياس الزمن ، وأنّ أوجه القمر الأربعة (الهلال ـ الربع الأول ـ البدر ـ الربع الأخير) كان لها تأثير مباشر في تقسيم السنة إلى الشهور ، وهي إلى وحدات زمنية معينة كالاسبوع واليوم. فكان أقرب الطرق إلى الإنسان هو قياس الزمن بالقمر ودورته الشهرية ، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب طبيعية واعتبارية ودينية.
وقد كان للجداول والتقاويم في جميع المراحل التاريخية شأن كبير لمعرفة الوحدات الفلكية ، وهي وإن كانت مفيدة بل صارت من التراث ، ولكنّها لا تخلو من فوضى لأنّ وضع أي تقويم لا بد وأن يكون مستندا إلى اعتبارات إما دينية أو سياسية ، أو علمية.